بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ إِذَا مَاتَ عَنْ حَمْلٍ يَرِثُهُ، وَطَالَبَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِالْقِسْمَةِ، وَقَفْتَ نَصِيبَ ذَكَرَيْنِ، إِنْ كَانَ نَصِيبُهُمَا أَكْثَرَ، وَإِلَّا وَقَفْتَ نَصِيبَ ابْنَتَيْنِ، وَدَفَعْتَ إِلَى مَنْ لَا يَحْجُبُهُ الْحَمْلُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ]
ِ الْحَمْلُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ: مَا فِي بَطْنِ الْحُبْلَى، وَبِكَسْرِهَا: مَا يُحْمَلُ عَلَى ظَهْرٍ أَوْ رَأْسٍ، وَفِي حَمْلِ الشَّجَرَةِ قَوْلَانِ، حَكَاهُمَا ابْنُ دُرَيْدٍ، وَيُقَالُ: امْرَأَةٌ حَامِلٌ وَحَامِلَةٌ، إِذَا كَانَتْ حُبْلَى، فَإِذَا حَمَلَتْ شَيْئًا عَلَى ظَهْرِهَا أَوْ رَأْسِهَا، فَهِيَ حَامِلَةٌ لا غير.
(إِذَا مَاتَ عَنْ حَمْلٍ يَرِثُهُ) وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يُتَبَيَّنَ، فَإِنِ امْتَنَعُوا (وَطَالَبَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِالْقِسْمَةِ) أُجِيبُوا إِلَيْهَا، وَلَمْ يُعْطَوْا كُلَّ الْمَالِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، فَيُدْفَعُ إِلَى مَنْ لَا يَنْقُصُهُ الْحَمْلُ كَمَالَ مِيرَاثِهِ، وَإِلَى مَنْ يَنْقُصُهُ أَقَلَّ مِيرَاثِهِ، وَلَا يُدْفَعُ إِلَى مَنْ يَسْقُطُ شَيْءٌ، فَأَمَّا مَنْ يُشَارِكُهُ، فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: يُوقَفُ لِلْحَمْلِ شَيْءٌ، وَيُدْفَعُ إِلَى شُرَكَائِهِ الْبَاقِي.
نَادِرَةٌ: حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَرَدَ طَالِبًا لِلْعِلْمِ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ، أَنَّ امْرَأَةً بِالْيَمَنِ وَضَعَتْ شَيْئًا كَالْكَرِشِ، فَظُنَّ أَنْ لَا وَلَدَ فِيهِ، فَأُلْقِيَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَحَمِيَ، تَحَرَّكَ، فَأُخِذَ، فَشُقَّ، فَخَرَجَ مِنْهُ سَبْعَةُ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ، وَعَاشُوا جَمِيعًا، وَكَانُوا خَلْقًا سَوِيًّا، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي أَعْضَادِهِمْ قِصَرٌ، قَالَ: وَصَارَعَنِي أَحَدُهُمْ، فَصَرَعَنِي، فَكُنْتُ أُعَيَّرُ بِهِ، وَيُقَالُ: صَرَعَكَ سُبْعُ رَجُلٍ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ سَنَةَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَسِتِّمِائَةٍ، عَنْ رَجُلٍ ضَرِيرٍ بِدِمَشْقَ، أَنَّهُ قَالَ: وَلَدَتِ امْرَأَتِي سَبْعَةً فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَأُجِيبَ: بِأَنَّ هَذَا نَادِرٌ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ مَنْعُ الْمِيرَاثِ مِنْ أَجْلِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَرْأَةِ حَمْلٌ (وَقَفْتَ نَصِيبَ ذَكَرَيْنِ) لَأَنَّ وِلَادَةَ التَّوْأَمَيْنِ كَثِيرٌ مُعْتَادٌ، فَلَمْ يَجُزِ النُّقْصَانُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ، وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ (إِنْ كَانَ نَصِيبُهُمَا أَكْثَرَ) كَرَجُلٍ مَاتَ عَنِ امْرَأَةٍ وَابْنٍ وَحَمْلٍ، فَمَسْأَلَتُهُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلذَّكَرَيْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ نَصِيبِ ابْنَتَيْنِ (وَإِلَّا وَقَفْتَ نَصِيبَ ابْنَتَيْنِ) أَيْ: إِنْ كَانَ نَصِيبُهُمَا أَكْثَرَ، كَرَجُلٍ مَاتَ عَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute