يَبْرَأِ الْآخَرُ، وَإِنْ كُفِلَ وَاحِدٌ لِاثْنَيْنِ فَأَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ مِنَ الْآخَرِ.
بَابُ الْحَوَالَةِ وَالْحَوَالَةُ تَنْقُلُ الْحَقَّ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَلَا يَمْلِكُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ كُفِلَ وَاحِدٌ لِاثْنَيْنِ فَأَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ مِنَ الْآخَرِ) ، لِأَنَّ عَقْدَ الْوَاحِدِ مَعَ الِاثْنَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدَيْنِ، فَقَدِ الْتُزِمَ إِحْضَارُهُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِذَا أَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا بَقِيَ حَقُّ الْآخَرِ، كَمَا لَوْ كَانَ فِي عَقْدَيْنِ وَكَمَا لَوْ ضَمِنَ دَيْنًا لِاثْنَيْنِ فَوَفَّى أَحَدُهُمَا حَقَّهُ.
خَاتِمَةٌ: إِذَا أَحَالَ رَبُّ الْحَقِّ، أَوْ أُحِيلَ بِهِ، أَوْ زَالَ الْعَقْدُ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ وَيَثْبُتُ لِوَارِثِهِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " فِي الصُّورَةِ الْأُولَى احْتِمَالُ وَجْهَيْنِ فِي بَقَاءِ الضَّمَانِ. وَنَقَلَ " مُهَنَّا " فِيهَا يَبْرَأُ، وَأَنَّهُ إِنْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ رَقَّ وَسَقَطَ الضَّمَانُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي لَوْ أَقَالَهُ فِي سَلَمٍ بِهِ رَهْنٌ، حَبَسَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ، وَلَوْ ضَمِنَهُ اثْنَانِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنَا ضَامِنٌ لَكَ الدَّيْنَ فَهُوَ ضَمَانُ اشْتِرَاكٍ فِي انْفِرَادٍ فَلَهُ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدَّيْنِ كُلِّهِ، وَإِنْ قَالَا: ضَمِنَّا لَكَ الدَّيْنَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ، وَفِي " الْقَوَاعِدِ ": إنَّهُ إِذَا ضَمِنَ اثْنَانِ دَيْنَ رَجُلٍ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ الدَّيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَالثَّانِي: أَنَّهُ بِالْحِصَّةِ إِلَّا أَنْ يُصَرِّحُوا بِمَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ مِثْلَ أَنْ يَقُولُوا: ضَمِنَّا لَكَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا ضَامِنٌ الدَّيْنَ، وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وَصَاحِبِ " الْمُغْنِي " وَبَنَاهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الضَّامِنِينَ فَيَصِيرُ الضَّمَانُ مُوَزَّعًا عَلَيْهِمَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
[بَابُ الْحَوَالَةِ]
[حَقِيقَة الحوالة وَحُكْمُهَا]
بَابُ الْحَوَالَةِ وَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمُخَالَفَةِ الْأَصَمِّ، وَسَنَدُهُ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ، فَمِنْهَا مَا خَرَّجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ. وَفِي لَفْظٍ " مَنْ أُحِيلَ بِحَقِّهِ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ» وَهِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا، وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ تَحْوِيلِ الْحَقِّ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute