بَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَجْهَانِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ حَبٍّ بِدَقِيقِهِ، وَلَا بسَوِيقِهِ فِي أَصَحِّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ كَالنَّقْدَيْنِ، فَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ لِكَوْنِ اللَّحْمِ لَا يَخْلُو مِنْ شَحْمٍ لَمْ يَصِحَّ لِكَوْنِهِ لَا يَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مَقْصُودٌ، وَقِيلَ: الشَّحْمُ، وَالْأَلْيَةُ جِنْسٌ وَأُطْلِقَ فِي " الْفُرُوعِ " الْخِلَافُ فِيهِمَا.
مَسْأَلَةٌ: اللَّحْمُ الْأَبْيَضُ - كَسَمِينِ الظَّهْرِ - وَاللَّحْمُ الْأَحْمَرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ عَلَى الْأَشْهَرِ. قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ.
وَفِي " الْمُغْنِي " أنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ لِقَوْلِهِ: اللَّحْمُ لَا يَخْلُو مِنْ شَحْمٍ قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا شَحْمًا، لَمْ يَخْتَلِطْ لَحْمٌ بِشَحْمٍ، وَفَرَّعَ هُوَ وَصَاحِبُ " الشَّرْحِ " عَلَى قَوْلِهِ: كُلُّ أَبْيَضٍ مِنَ الْحَيَوَانِ يَذُوبُ بِالْإِذَابَةِ وَيَصِيرُ دُهْنًا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي " لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} [الأنعام: ١٤٦] فَاسْتَثْنَى مَا حَمَلَتِ الظُّهُورُ مِنَ الشَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ فِي لَوْنِهِ وَذَوْبِهِ وَمَقْصِدِهِ فَكَانَ شَحْمًا كَالَّذِي فِي الْبَطْنِ وَهَلْ لَحْمُ رَأْسٍ جِنْسٌ بِرَأْسِهِ كَالطِّحَالِ، أَوْ نَوْعٌ مِنْ لَحْمِ جِنْسِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
[بَيْعُ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ جَنْسِهِ]
(وَلَا يَجُوزُ) أَيْ: لَا يَصِحُّ (بَيْعُ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ) لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ لِمَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا أَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ، وَقَدْ رُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، لَكِنْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثَابِتٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَعَنْ سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيِّ بِالْمَيِّتِ» . ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ رِبَوِيٌّ بِيعَ بِمَا فِيهِ مِنْ جِنْسِهِ مَعَ جَهَالَةِ الْمِقْدَارِ كَالسِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute