للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نِيئِهِ بِمَطْبُوخِهِ، وَلَا أَصْلِهِ بِعَصِيرِهِ وَلَا خَالَصِهِ بِمَشُوبِهِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِذَا كَانَ مَقْصُودُهُ بِالْحَيَوَانِ اللَّحْمَ (وَفِي بَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَجْهَانِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ والأكثر لظاهر مَا سَبَقَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جَزُورًا نُحِرَتْ فَجَاءَ رَجُلٌ بِعَنَاقٍ فَقَالَ: أَعْطُونِي جُزْءًا بِهَذَا الْعَنَاقِ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصْلُحُ هَذَا. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا لِأَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، وَالثَّانِي: الْجَوَازُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ مَالٌ رِبَوِيٌّ بِيعَ بِغَيْرِ أَصْلِهِ، وَلَا جِنْسِهِ فَجَازَ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِنَقْدٍ وَبَنَاهُمَا فِي " الشَّرْحِ " عَلَى الْخِلَافِ فِي اللَّحْمِ هَلْ هُوَ جِنْسٌ، أَوْ أَجْنَاسٌ، وَعَلَى الْجَوَازِ يَحْرُمُ بَيْعُهُ نَسِيئَةً عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَلَحْمِ بَقَرٍ بِإِبِلٍ فَأَمَّا غَيْرُهُ.

فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا رِوَايَةَ فِيهِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ.

وَالْمَنْعُ أَوْرَدَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي " التَّذْكِرَةِ " مَذْهَبًا، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي " الْفُصُولِ "، وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُ كَقَوْلِ الْأَكْثَرِ.

(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ حَبٍّ بِدَقِيقِهِ، وَلَا بِسَوِيقِهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَكِيلٌ وَيُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْمَكِيلِ بِجِنْسِهِ التَّسَاوِي، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْحَبِّ تَنْتَشِرُ بِالطَّحْنِ، وَالنَّارَ قَدْ أَخَذَتْ مِنَ السَّوِيقِ.

وَالثَّانِيَةُ: الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الدَّقِيقَ نَفْسُ الْحَبِّ، وَإِنَّمَا تَكَسَّرَتْ أَجْزَاؤُهُ فَجَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ كَالْحَبِّ الْمُكَسَّرِ بِالصِّحَاحِ فَعَلَيْهِ تعتبر الْمُسَاوَاةُ وَزْنًا، إِذِ التَّسَاوِي لَا يَحْصُلُ بِالْكَيْلِ وَعَلَّلَ أَحْمَدُ الْمَنْعَ، فَإِنَّ أَصْلَهُ كَيْلٌ.

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ بَيْعُ مَكِيلٍ وَزْنًا وَمَوْزُونٍ كَيْلًا، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَعَلَى الْمَنْعِ مَا إِذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ جَازَ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>