بَيْنَ أَكْلِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَبَيْنَ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ، وَبَيْنَ حِفْظِهِ لِمَالِكِهِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، وَهَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
الثَّانِي: مَا يُخْشَى فَسَادُهُ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَيْعِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[سَائِرُ الْأَمْوَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ] [الْأَوَّلُ الْحَيَوَانُ]
(وَهِيَ) أَيِ: الْأَمْوَالُ الْمَذْكُورَةُ (عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: حَيَوَانٌ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ) ذَبْحِهِ وَ (أَكْلِهِ) وِفَاقًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «هِيَ لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ» جَعَلَهَا لَهُ فِي الْحَالِ، وَسَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذِّئْبِ، وَالذِّئْبُ لَا يُؤَخِّرُ أَكْلَهَا، وَلِأَنَّ فِي أَكْلِهَا فِي الْحَالِ إِغْنَاءً عَنِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَحِفْظًا لِمَالِيَّتِهَا عَلَى صَاحِبِهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَهَا فِي الْمِصْرِ أَوِ الصَّحْرَاءِ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) قَالَهُ أَصْحَابُنَا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا يُضْطَرُّ إِلَيْهِ إِذَا أَكَلَهُ؛ فَلِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا ذَكَرَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَتَصِيرُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ عَزْلُهَا. وَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ أَكْلُ ضَالَّةِ الْغَنَمِ، وَلَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِهَا، وَلَا تَعْرِيفَ لَهَا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يُوَافِقْ مَالِكًا أَحَدُ الْعُلَمَاءِ، وَأَفْتَى أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ بِأَكْلِهِ بِمَضْيَعَةٍ، بِشَرْطِ ضَمَانِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَعْجِيلُ ذَبْحِهِ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ: لَا يَتَصَرَّفُ قَبْلَ الْحَوْلِ فِي شَاةٍ وَنَحْوِهَا بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً (وَبَيْنَ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ) لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ أَكْلُهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ فَبَيْعُهَا أَوْلَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَيَلْزَمُهُ حِفْظُ صِفَتِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا هُنَا تَعْرِيفًا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَأْمُرْ بِتَعْرِيفِهَا، وَنَصَرَ فِي " الشَّرْحِ " لُزُومَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لُقَطَةٌ لَهَا خَطَرٌ، فَوَجَبَ تَعْرِيفُهَا كَالْمَطْعُومِ الْكَثِيرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَ بيان التعريف (وَبَيْنَ حِفْظِهِ لِمَالِكِهِ) وَلَمْ يَتَمَلَّكْهَا (وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِهِ عَلَى مَالِكِهِ عَيْنًا وَمَآلًا، فَلَوْ تَرَكَهَا بِلَا نَفَقَةٍ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِيهَا.
(وَهَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ) إِذَا نَوَى الرُّجُوعَ بِهِ (عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا رِوَايَتَانِ، الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ، قَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ؛ قَالَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيُّ فِي طَيْرَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute