للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُعْتَبَرُ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ كُلِّ بَعِيرٍ مِائَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْأُصُولِ كُلِّهَا أَنْ تَبْلُغَ دِيَةَ الْأَثْمَانِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَيُؤْخَذُ فِي الْحُلَلِ الْمُتَعَارَفِ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيهَا جُعِلَتْ قِيمَةُ كُلِّ حُلَّةٍ سِتِّينَ دِرْهَمًا.

فَصْلٌ وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَتُسَاوِي جِرَاحُهَا جِرَاحَهُ إِلَى ثُلُثِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْوَرِقِ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، ثَنَا هُشَيْمٌ، أَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْهُ، وَلِأَنَّهَا أَبْدَالُ مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَوَجَبَ أَنْ تَسْتَوِيَ قِيمَتُهَا كَالْمِثْلِيِّ، وَالْقِيمِيِّ مِنَ الْمُتْلَفَاتِ (فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْأُصُولِ كُلِّهَا أَنْ تَبْلُغَ دِيَةَ الْأَثْمَانِ) وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ; لِأَنَّهُ إِذَا اعْتُبِرَتِ الْقِيمَةُ فِي الْإِبِلِ، وَهِيَ أَصْلٌ رِوَايَةً وَاحِدَةً فَكَذَلِكَ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي غَيْرِهَا (وَالْأَوَّلُ أَوْلَى) لِأَنَّ تَقْوِيمَ عُمَرَ لِأَجْلِ أَخْذِ الدَّرَاهِمِ عِوَضًا عَنِ الْإِبِلِ، وَذَلِكَ لَا نِزَاعَ فِيهِ ; لِأَنَّ الْإِبِلَ كَانَتْ تُؤْخَذُ عَلَى عَهْدِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقِيمَتُهَا ثَمَانِيَةُ آلَافٍ، ثُمَّ قَوَّمَهَا عُمَرُ لِغَلَائِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي حَالِ رُخْصِهَا أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ ذَلِكَ، فَكَانَتْ تُؤْخَذُ عَلَى عَهْدِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ مَعَ رُخْصِهَا، وَقِلَّةِ قِيمَتِهَا وَنَقْصِهَا عَنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، وَإِذَا لَمْ تُعْتَبَرِ الْقِيمَةُ فِي الْإِبِلِ، فَلَا تُعْتَبَرُ فِيمَا سِوَاهَا قِيَاسًا عَلَيْهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ إِبِلِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ إِبِلِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلَ، أَوِ الْعَاقِلَةَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إِبِلٌ فَمِنْ غَالِبِ إِبِلِ بَلَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إِبِلٌ وَجَبَ مِنْ غَالِبِ إِبِلِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ إِبِلُهُ عِجَافًا، أَوْ مِرَاضًا كُلِّفَ تَحْصِيلَ صِحَاحٍ مِنْ جِنْسِ مَا عِنْدَهُ ; لِأَنَّهَا بَدَلٌ مُتْلَفٌ، فَلَا يُؤْخَذُ فِيهَا مَعِيبٌ كَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ، وَالْبَقَرُة وَالْغَنَمُ كَذَلِكَ (وَيُؤْخَذُ فِي الْحُلَلِ الْمُتَعَارَفُ) لِأَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ فَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ، وَالْحِرْزِ (فَإِنْ تَنَازَعَا فِيهَا جُعِلَتْ قِيمَةُ كُلِّ حُلَّةٍ سِتِّينَ دِرْهَمًا) لِأَنَّ الْأَصْلَ تَسَاوِي الْأَبْدَالِ، وَلِتَبْلُغَ قِيمَةُ الْجَمِيعِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.

فَرْعٌ: تُغَلَّظُ دِيَةُ طَرَفٍ كَقَتْلٍ، وَلَا تُغَلَّظُ فِي غَيْرِ إِبِلٍ.

[فَصْلٌ دِيَةُ الْمَرْأَةِ]

فَصْلٌ (وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ) إِجْمَاعًا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ،، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ فِي كِتَابِهِ: «دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>