عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ إِنْ ضَلَّتْ، فَذَبَحَ بَدَلَهَا، ثُمَّ وَجَدَهَا.
فَصْلٌ.
سَوْقُ الْهَدْيِ مَسْنُونٌ لَا يَجِبُ إِلَّا بِالنَّذْرِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَهُ بِعَرَفَةَ، وَيَجْمَعَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَصَحُّهُمَا: لَيْسَ لَهُ اسْتِرْجَاعُ ذَلِكَ إِلَى مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْفُقَرَاءِ بِتَعْيِينِهِ فَلَزِمَهُ ذَبْحُهُ، كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ بِنَذْرِهِ ابْتِدَاءً.
وَالثَّانِيَةُ: لَهُ اسْتِرْجَاعُهُ إِلَى مُلْكِهِ، فَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِأَنَّهُ إِنَّمَا عَيَّنَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَقَعْ عَنْهُ، عَادَ إِلَى صَاحِبِهِ، كَمَنْ أَخْرَجَ زَكَاةً، فَبَانَ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ (وَكَذَلِكَ إِنْ ضَلَّتْ فَذَبَحَ بَدَلَهَا، ثُمَّ وَجَدَهَا) أَيْ: فِيهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ لِلْمُسَاوَاةِ، وَالْمَذْهَبُ ذَبْحُهُ مَعَ ذَبْحِ الْوَاجِبِ، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ أَهَدَتْ هَدْيَيْنِ وَأَضَلَّتْهُمَا فَبَعَثَ إِلَيْهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ هَدْيَيْنِ فَنَحَرَتْهُمَا، ثُمَّ عَادَ الضَّالَّانِ، فَنَحَرَتْهُمَا، وَقَالَتْ: هَذِهِ سُنَّةُ الْهَدْيِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا ذَبَحَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، فَسُرِقَ، سَقَطَ الْوَاجِبُ. نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ؛ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ لَا تَلْزَمُهُ بِدَلِيلِ تَخْلِيَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُقَرَاءِ، وَإِذَا عَطِبَتْ شَاةٌ فَذَبَحَهَا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، لَمْ تُجْزِئْهُ وَإِنْ رَضِيَ مَالِكُهَا، سَوَاءٌ عَوَّضَهُ عَنْهَا أَوْ لَمْ يُعَوِّضْهُ.
مَسْأَلَةٌ: لَا يَبْرَأُ فِي الْهَدْيِ إِلَّا بِذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَكَّلَ، فَإِنْ ذَبَحَهُ إِنْسَانٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ؛ فَلَوْ دَفَعَهُ إِلَى الْفُقَرَاءِ سَلِيمًا، فَذَبَحُوهُ، جَازَ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، فَإِنْ لَمْ يَنْحَرُوهُ، اسْتَرَدَّهُ مِنْهُمْ وَنَحَرَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ بِتَفْرِيطِهِ. فَإِنْ ذَبَحَهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ لِلْفُقَرَاءِ، جَازَ لَهُمُ الْأَخْذُ مِنْهُ إِمَّا بِالْإِذْنِ نُطْقًا كَقَوْلِهِ: مَنِ اقْتَطَعَ. أَوْ بِدَلَالَةِ الْحَالِ، كَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ.
[فَصْلٌ سَوْقُ الْهَدْيِ مَسْنُونٌ]
ٌ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: «تَمَتَّعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute