ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا، ثُمَّ ابْنُهَا ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ ثُمَّ أَخُوهَا لِأَبَوَيْهَا ثُمَّ لِأَبِيهَا، وَالتَّسْوِيَةُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ذَكَرْنَا، وَصَوْنًا لَهَا عَنْ مُبَاشَرَةِ مَا يَشْعُرُ بِوَقَاحَتِهَا وَرُعُونَتِهَا وَمَيْلِهَا إِلَى الرِّجَالِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تُبَاشِرَ النِّكَاحَ تَحْصِيلًا لِذَلِكَ، وَالْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ تَقَدَّمَ، وَهُوَ نِكَاحُ الْبَائِنَةِ فِي أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إِلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ، وَتَزْوِيجِهِ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِ، كَمَا لَا تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ فِي حَقِّهِ، وَحَدِيثِ أَبِي مُوسَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ عَنْ إِمَامِنَا تَصْحِيحُهُ، وَالْحَمْلُ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ، فَرِوَايَةُ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، وَهُوَ ثِقَةٌ كَبِيرٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ إِلَّا الْبُخَارِيُّ ; لِأَحَادِيثَ انْفَرَدَ بِهَا، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُرَدُّ بِهِ الْحَدِيثُ، وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ» . . . إِلَى آخِرِهِ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَصِيرِ إِلَى الْبُطْلَانِ ; لِأَنَّ الْمَجَازَ مِنَ الْقَوْلِ لَا يَجُوزُ تَأْكِيدُهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ. فَعَلَى هَذَا إِذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَكَفُضُولِيٍّ، فَإِنْ أَبَى فَسَخَهُ حَاكِمٌ، نَصَّ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: إِذَا حَكَمَ بِصِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ حَاكِمٌ، أَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي لَهُ حَاكِمًا، لَمْ يَجُزْ نَقْضُهُ كَسَائِرِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ، وَقِيلَ يُنْقَضُ هُنَا، وَاخْتَارَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ، فَإِنْ وَطِئَ فِيهِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ ; لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُخْتَلَفٌ فِي حِلِّهِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَجِبُ ; لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي نِكَاحٍ مَنْصُوصٍ عَلَى بُطْلَانِهِ.
[أَحَقُّ النَّاسِ بِالْوِلَايَةِ]
(وَأَحَقُّ النَّاسِ بِنِكَاحِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ أَبُوهَا) عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء: ٩٠] ; لِأَنَّ الْوَلَدَ مَوْهُوبٌ لِأَبِيهِ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: ٣٩] ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» وَإِثْبَاتُ وِلَايَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْهِبَةِ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ ; لِأَنَّ الْأَبَ أَكْمَلُ نَظَرًا، وَأَشَدُّ شَفَقَةً، بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ ; بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا مِنْ مَالِهِ وَلَهُ مِنْ مَالِهَا، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَيْهِ كَالْمِيرَاثِ، وَأَخَذَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " مِنْ نَقْلِ حَنْبَلٍ: الْعُصْبَةُ: مَنْ أَحْرَزَ الْمَالَ (ثُمَّ أَبُوهُ، وَإِنْ عَلَا) عَلَى الْأَشْهَرِ ; لِأَنَّ الْجَدَّ لَهُ إِيلَادٌ وَتَعَصُّبٌ، أَشْبَهَ الْأَبَ (ثُمَّ ابْنُهَا، ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ) ; لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمِيرَاثِ، وَلِلِابْنِ وِلَايَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute