للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَصِحَّ، وَعَنْهُ: لَهَا تَزْوِيجُ أَمَتِهَا وَمُعْتَقَتِهَا، فَيَخْرُجُ مِنْهُ صِحَّةُ تَزْوِيجِ نَفْسِهَا بِإِذْنِ وَلَيِّهَا، وَتَزْوِيجِ غَيْرِهَا بِالْوِكَالَةِ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ.

وَأَحَقُّ النَّاسِ بِنِكَاحِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ أَبُوهَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْعَضْلِ هُمُ الْأَوْلِيَاءُ، وَنَهْيُهُمْ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِهِمْ ; إِذِ الْعَضْلُ لُغَةً: الْمَنْعُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْعَضْلِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ ; لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٍ، فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَضْلَ مِنْهُمْ يَصِحُّ دُونَ الْأَجَانِبِ، ثُمَّ إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ حِينَ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِ أُخْتِهِ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَزَوَّجَهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِمَعْقِلٍ وِلَايَةٌ، وَأنَّ الْحُكْمَ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ لَما عُوتِبَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْإِضَافَةُ إِلَيْهِنَّ ; فَلِأَنَّهُنَّ مَحَلٌّ لَهُ (فَإِنْ زَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا أَوْ غَيْرَهَا، لَمْ يَصِحَّ) ; لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ ; وَلِأَنَّهَا غَيْرُ مَأْمُونَةٍ عَلَى الْبُضْعِ ; لِنَقْصِ عَقْلِهَا، وَسُرْعَةِ انْحِدَارِهَا، فَلَمْ يَجُزْ تَفْوِيضُهُ إِلَيْهَا كَالْبَذْرِ فِي الْمَالِ (وَعَنْهُ: لَهَا تَزْوِيجُ أَمَتِهَا) ; لِأَنَّهَا ملكُهَا، وَوِلَايَتُهَا عَلَيْهَا لَهَا، فَكَانَ لَهَا تَزْوِيجُهَا كَالسَّيِّدِ (وَمُعْتَقَتِهَا) ; لِأَنَّ الْوِلَايَةَ كَانَتْ لَهَا عَلَيْهَا، فَوَجَبَ اسْتِصْحَابُهَا ; وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالْمِلْكِ، (فَيَخْرُجُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ هَذَا الْقَوْلِ (صِحَّةُ تَزْوِيجِ نَفْسِهَا بِإِذْنِ وَلَيِّهَا، وَتَزْوِيجُ غَيْرِهَا بِالْوِكَالَةِ) ; لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ أَهْلًا لِمُبَاشَرَةِ تَزْوِيجِ أَمَتِهَا وَمُعْتَقَتِهَا، فَلِأَنْ تَكُونَ أَهْلًا لِمُبَاشَرَةِ وَتَزْوِيجِ نَفْسِهَا وَغَيْرِهَا بِالْوِكَالَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ عَائِشَةَ تَوَلَّتْ نِكَاحَ بِنْتِ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ; وَلِأَنَّهَا شَخْصٌ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ بِنَفْسِهِ، فَيَتَوَلَّى عَقْدَ النِّكَاحِ لِنَفْسِهِ كَالْغُلَامِ، وَعَنْهُ: تُزَوِّجُ نَفْسَهَا مُطْلَقًا، وَخَصَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِحَالِ الْعُذْرِ كَمَا إِذَا عُدِمَ الْوَلِيُّ أَوِ السُّلْطَانُ، وَاخْتُلِفَ فِي مَأْخَذِهَا، فَابْنُ عَقِيلٍ أَخَذَهَا مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي دِهْقَانِ الْقَرْيَةِ يُزَوِّجُ مَنِ الْأَوْلَى لَهَا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حَاكِمِهَا، وَغَلَّطَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَأَخَذَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى مِمَّا أَخَذَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِالْآيَةِ، وَبِقَوْلِهِ: فَإِنْ طَلَّقَهَا، فَأَبَاحَ فِعْلَهَا فِي نَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْوَلِيِّ ; وَبِدَلِيلِ خِطْبَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُمَّ سَلَمَةَ، فَإِنَّ أَهْلَ التَّارِيخِ قَالُوا: إِنَّهُ كَانَ ابْنَ سِتِّ سِنِينَ، وَمِثْلُهُ لَا تَصِحُّ وِلَايَتُهُ، وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ حَدِيثِ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا، ثُمَّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَذِيِّ: مَا أَرَاهُ صَحِيحًا ; لِأَنَّ عَائِشَةَ فَعَلَتْ بِخِلَافِهِ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: لَقِيتُ الزُّهْرِيَّ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَقَالَ: لَا أَعْرِفُهُ، وَيُقَوِّيهِ أَنَّ الزُّهْرِيَّ قَالَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، قَالَهُ أَحْمَدُ، (وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ) ; لِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>