يَحْنَثْ، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُطَلَّقَ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ - حَنِثَ.
فَصْلٌ
فِي تَعْلِيقِهِ بِالْإِذْنِ
إِذَا قَالَ: إِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي، أَوْ إلَّا بِإِذْنِي، أَوْ حَتَّى آذَنَ لَكِ فَأَنْتِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الرِّعَايَةِ "؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ عَنْهُ أَمْرٌ بِضِدِّهِ، فَإِذًا تَكُونُ خَالَفَتْ أَمْرَهُ (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ - حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ نَفْيَ الْمُخَالَفَةِ، فَلَوْ قَالَ: إِنْ نَهَيْتِنِي عَنْ نَفْعِ أُمِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ لَهُ: لَا تُعْطِهَا شَيْئًا مِنْ مَالِي - لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُحَرَّمٌ، فَلَا يَتَنَاوَلُهُ يَمِينُهُ، وَقِيلَ: يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ عَامٌّ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا وَمُحَمَّدٌ مَعَ خَالِدٍ - لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى تُكَلِّمَ زَيْدًا فِي حَالِ كَوْنِ مُحَمَّدٍ مَعَ خَالِدٍ؛ لِأَنَّهَا حَالٌ مِنَ الْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَقَالَ الْقَاضِي: تُطَلَّقُ بِكَلَامِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ اسْتِئْنَافٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْأُولَى، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ الشَّرْطُ؛ وَلِأَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ جُعِلَ الْكَلَامُ مُتَّصِلًا كَانَ أَوْلَى، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا إِلَى أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ، فَكَلَّمَتْهُ قَبْلَ قُدُومِهِ - طُلِّقَتْ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ رَجَعَتْ إِلَى الْكَلَامِ لَا إِلَى الطَّلَاقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قُدِّمَ الشَّرْطُ، فَإِنَّهَا تُطَلَّقُ بِكَلَامِهِ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ عَادَتْ إِلَى الطَّلَاقِ، وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ.
[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِ الطلاق بِالْإِذْنِ]
فِي تَعْلِيقِهِ بِالْإِذْنِ (إِذَا قَالَ: إِنْ خَرَجْتِ) قَالَ فِي " الِانْتِصَارِ ": أَوْ إِنْ خَرَجْتِ مَرَّةً (بِغَيْرِ إِذْنِي، أَوْ إِلَّا بِإِذْنِي، أَوْ حَتَّى آذَنَ لَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ طُلِّقَتْ) بِخُرُوجِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ (وَعَنْهُ: لَا تُطَلَّقُ) نَقَلَهَا عَبْدُ اللَّهِ. ذَكَرَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "؛ لِأَنَّ " إِنْ " لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، فَيَتَنَاوَلُ الْخُرُوجَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْإِذْنَ فِي كُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute