للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَيَطَؤُهَا فِي الْقُبُلِ، وَأَدْنَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَصْلٌ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَةِ، فَقَالَ: قَدْ أَصَبْتُكِ فَلِيَ الرَّجْعَةُ، فَأَنْكَرَتْهُ أَوْ قَالَتْ: قَدْ أَصَابَنِي فَلِيَ الْمَهْرُ - قُبِلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ، فَلَا يَزُولُ إِلَّا بِيَقِينٍ، وَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ قَبْضِ الْمَهْرِ، وَادَّعَى إِصَابَتَهَا، فَأَنْكَرَتْهُ - لَمْ يُرْجَعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ لَهَا بِهِ وَلَا يَدَّعِيهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُنْكِرُ، رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ، وَالْخُلْوَةُ كَالْإِصَابَةِ فِي إِثْبَاتِ الرَّجْعَةِ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي خَلَا بِهَا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يُصِيبَهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُصَابَةٍ، فَلَا تُسْتَحَقُّ رَجْعَتُهَا كَالَّتِي لَمْ يَخْلُ بِهَا.

وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، فَمَلَكَ رَجْعَتَهَا كَالَّتِي أَصَابَهَا.

فَرْعٌ: إِذَا ادَّعَى زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ عِدَّتِهَا أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا، فَأَنْكَرَتْهُ، وَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا - قُبِلَ قَوْلُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: قَوْلُهُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ عَلِمَ مَوْلَاهَا صِدْقَ الزَّوْجِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا تَزْوِيجُهَا، وَإِنْ عَلِمَتْ هِيَ صِدْقَ الزَّوْجِ فِي رَجَعْتِهَا، فَهِيَ حَرَامٌ عَلَى سَيِّدِهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ وَطْئِهَا إِلَّا مُكْرَهَةً كَمَا قُبِلَ الطَّلَاقُ.

[إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ]

فَصْلٌ

(وَإِنْ طَلَّقَهَا) أَيِ: الْحُرُّ (ثَلَاثًا) وَالْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ، وَلَوْ عَبَّرَ كَـ " الْفُرُوعِ " بِقَوْلِهِ: مَنْ طَلَّقَ عَدَدَ طَلَاقِهِ لَكَانَ أَوْلَى (لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) إِجْمَاعًا، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] ، وَحَدِيثُ امْرَأَةِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: إِذَا تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا لَا يُرِيدُ بِهِ إِحْلَالًا، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهَذَا إِلَّا الْخَوَارِجُ، وَلِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ فِي الْآيَةِ: الْجِمَاعُ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوَطِئَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>