عَلَيْهِمْ، وَإِنِ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ، أَوْ طَلَبِ رِئَاسَةٍ فَهُمَا ظَالِمَتَانِ، وَتَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَا أَتْلَفَتْ عَلَى الْأُخْرَى.
بَابٌ
حُكْمُ الْمُرْتَدِّ وَهُوَ الَّذِي يَكْفُرُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، فَمَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ، أَوْ جَحَدَ رُبُوبِيَّتَهُ، أَوْ وَحْدَانِيَّتَهُ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرِيضَةً، فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُ حَتَّى يَأْخُذُوهَا مِنْهُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْفَرَجِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: أَجْمَعُوا أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ مُمْتَنِعَةٍ عَنْ شَرِيعَةٍ مُتَوَاتِرَةٍ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ يَجِبُ قِتَالُهَا حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، كَالْمُحَارِبِينَ وَأَوْلَى، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنِ الْأَصْحَابِ تَكْفِيرَ مَنْ خَالَفَ فِي أَصْلٍ، كَخَوَارِجَ، وَرَافِضَةٍ، وَمُرْجِئَةٍ، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ فِيمَنْ قَالَ: لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ الْمَعَاصِيَ، أَوْ وَقَفَ فِيمَنْ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ، وَفِيمَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ، وَإِنِ اسْتَحَلَّهُ كَفَرَ، وَفِي " الْمُغْنِي ": يُخَرَّجُ فِي كُلِّ مُحَرَّمٍ اسْتُحِلَّ بِتَأْوِيلٍ كَالْخَوَارِجِ، وَفِي " نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ ": مَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا مُسْتَحِلًّا كَفَرَ، وَإِلَّا فَسَقَ، وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ كُفْرَ الْخَوَارِجِ، وَالرَّافِضَةِ، وَالْقَدَرِيَّةِ، وَالْمُرْجِئَةِ، وَمَنْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ كَفَّرْنَاهُ فَسَقَ وَهَجَرَ، وَفِي كُفْرِهِ وَجْهَانِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ، وَيَعْقُوبَ، وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهِيَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِ، بَلْ صَرِيحَةٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا كَفَّرْنَا الْجَهْمِيَّةَ لَا أَعْيَانَهُمْ (وَإِنِ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ، أَوْ طَلَبِ رِئَاسَةٍ فَهُمَا ظَالِمَتَانِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ بَاغِيَةٌ عَلَى صَاحِبَتِهَا (وَتَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَا أَتْلَفَتْ عَلَى الْأُخْرَى) لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ نَفْسًا مَعْصُومَةً وَمَالًا مَعْصُومًا، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَأَوْجَبُوا الضَّمَانَ عَلَى مَجْمُوعِ الطَّائِفَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ الْمُتْلَفِ، قَالَ: وَإِنْ تَقَابَلَا تَقَاصَّا، لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ، وَالْمُعِينَ وَاحِدٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، قَالَ: وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ مَا نَهَبَهُ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ الْأُخْرَى تَسَاوَيَا، وَمَنْ دَخَلَ لِلْإِصْلَاحِ فَقَتَلَتْهُ طَائِفَةٌ ضَمِنَتْهُ، وَإِنْ جُهِلَتْ ضَمِنَتَاهُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيُخَالِفُ الْمَقْتُولُ فِي زِحَامِ الْجَامِعِ، وَالطَّوَافِ، لِأَنَّ الزِّحَامَ هُنَا لَيْسَ فِيهِ تَعَدٍّ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
[بَاب حُكْمُ الْمُرْتَدِّ]
[تَعْرِيفُ الْمُرْتَدِّ]
بَابٌ، حُكْمُ الْمُرْتَدِّ
الْمُرْتَدُّ لُغَةً: الرَّاجِعُ، يُقَالُ: ارْتَدَّ فَهُوَ مُرْتَدٌّ إِذَا رَجَعَ، وَشَرْعًا، هُوَ: الرَّاجِعُ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ إِمَّا نُطْقًا أَوِ اعْتِقَادًا أَوْ شَكًّا، وَقَدْ يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ، وَلِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute