الْحَرْبِ فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ، وَيُشَارِكُ الْجَيْشُ سَرَايَاهُ فِيمَا غَنِمَتْ، وَيُشَارِكُونَهُ فِيمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَوْلُ الْخِرَقِيِّ، لِمَا رَوَى جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «مَثَلُ الَّذِينَ يَغْزُونَ مِنْ أُمَّتِي وَيَأْخُذُونَ الْجُعْلَ يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى عَدُوِّهِمْ، مَثَلُ أُمِّ مُوسَى تُرْضِعُ وَلَدَهَا وَتَأْخُذُ أَجْرَهُ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ، بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنَ الْكَافِرِ، فَصَحَّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، كَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَمُقْتَضَى اخْتِيَارِ الشَّيْخَيْنِ صِحَّةُ الِاسْتِئْجَارِ، وَإِنْ لَزِمَهُ إِلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ، فَلَا يَصِحُّ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ الْمُؤَلِّفُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ، فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ فَيَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ السَّهْمَ، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهَا، فَهَلْ يُسْهَمُ لَهُ؛ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا - وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ -: لَا سَهْمَ لَهُ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَجِيرِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ مَا أَجِدُ لَهُ فِي غَزْوَتِهِ هَذِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا دَنَانِيرَهُ الَّتِي سَمَّى.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَالثَّانِيَةُ - وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ - أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَضَرَ الْوَقْعَةَ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، فَيُسْهَمُ لَهُ، كَغَيْرِهِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا اسْتُؤْجِرَ بَعْدَ أَنْ غَنِمُوا عَلَى حِفْظِهَا فَلَهُ الْأُجْرَةُ مَعَ سَهْمِهِ، وَلَا يَرْكَبُ مِنْهَا دَابَّةً إِلَّا بِشَرْطٍ، وَمِثْلُهُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْفَيْءِ أَيْ: لَهُمُ السَّهْمُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ، لَا أَنَّهُ عِوَضٌ عَنِ الْغَزْوِ، فَكَذَا مَنْ يُعْطَى لَهُ مِنْ صَدَقَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُعْطَاهُ مَعُونَةً، لَا عِوَضًا أَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ مَا يُعِينُهُ بِهِ، فَلَزِمَهُ الثَّوَابُ.
[مَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ]
(وَمَنْ مَاتَ) أَوْ ذَهَبَ (بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ مُلِكَتْ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، فَكَانَ سَهْمُهُ لِوَارِثِهِ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ تَرَكَ حَقًّا فَلِوَرَثَتِهِ» وَتَقَدَّمَ قَوْلُ: إِنَّهَا لَا تُمْلَكُ إِلَّا بِالْحِيَازَةِ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ ثُبُوتِ مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ. وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ إِذَا حَصَلَ التَّغْيِيرُ قَبْلَ تَقَضِّي الْحَرْبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ.
(وَيُشَارِكُ الْجَيْشُ سَرَايَاهُ فِيمَا غَنِمَتْ وَيُشَارِكُونَهُ فِيمَا غَنِمَ) أَيُّهُمَا غَنِمَ شَارَكَ الْآخَرَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute