الْمَهْرِ، فَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُ الْأَمَةِ فَرَضِيَتْ، أَوْ زَوْجُ الصَّغِيرَةِ، أَوِ الْمَجْنُونَةِ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهِنَّ الْفَسْخُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ.
فَصْلٌ وَإِنْ مَنَعَهَا النَّفَقَةَ، أَوْ بَعْضَهَا مَعَ الْيَسَارِ، وَقَدَرَتْ لَهُ عَلَى مَالٍ أَخَذَتْ مِنْهُ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ بِلَا إِذْنِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدٍ حِينَ قَالَتْ لَهُ: «إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُ الْأَمَةِ فَرَضِيَتْ) بِهِ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهَا الْفَسْخُ نَقُولُ: نَفَقَةُ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ حَقٌّ لَهَا وَلِسَيِّدِهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلَبُهَا، وَلَا يَمْلِكُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِسْقَاطَهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِضْرَارِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِهَا فَلَهَا الْفَسْخُ كَالْحُرَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَفْسَخْ، فَقَالَ الْقَاضِي: لِسَيِّدِهَا الْفَسْخُ ; لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي عَدَمِهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِفَوَاتِهَا مِنْ فَوَاتِ مُلْكِهِ وَتَلَفِهِ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا مُحْتَسِبًا بِالرُّجُوعِ رَجَعَ عَلَى الزَّوْجِ رَضِيَتْ، أَوْ كَرِهَتْ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، لَيْسَ لِسَيِّدِهَا الْفَسْخُ إِذَا كَانَتْ رَاضِيَةً ; لِأَنَّهَا حَقُّ لَهَا، فَلَمْ يَمْلِكْ سَيِّدُهَا الْفَسْخَ كَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ (أَوْ) أَعْسَرَ (زَوْجُ الصَّغِيرَةِ، أَوِ الْمَجْنُونَةِ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهِنَّ الْفَسْخُ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِنِكَاحِهَا، فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْوَلِيُّ كَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ (وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِفَوَاتِ الْعِوَضِ فَمَلَكَهُ كَفَسْخِ الْبَيْعِ لِتَعَذُّرِ الثَّمَنِ.
[فَصْلٌ: مَنْعُ الزَّوْجِ النَّفَقَةَ عَنِ الزَّوْجَةِ]
فَصْلٌ (وَإِنْ مَنَعَهَا النَّفَقَةَ، أَوْ بَعْضَهَا) أَوِ الْكِسْوَةَ، أَوْ بَعْضَهَا (مَعَ الْيَسَارِ، وَقَدَرَتْ لَهُ عَلَى مَالٍ أَخَذَتْ مِنْهُ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا) الصَّغِيرَ (بِالْمَعْرُوفِ بِلَا إِذْنِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ (لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدٍ حِينَ قَالَتْ لَهُ: «إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، قَالَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ، وَظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُعْطِيهَا بَعْضَ الْكِفَايَةِ، وَلَا يُتِمُّهَا لَهَا، فَرَخَّصَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَخْذِ تَمَامِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ ; لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، فَإِنَّ النَّفَقَةَ لَا غِنَى عَنْهَا، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute