الْوَدَاعِ، رَجَعَ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ، فَعَلَيْهِ دَمٌ إِلَّا الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لَا وَدَاعَ عَلَيْهِمَا.
فَصْلٌ وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْوَدَاعِ، وَقَفَ فِي الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تُجْزِئُ عَنْهُمَا الْمَفْرُوضَةُ، وَالثَّانِيَةُ: لَا، لِاخْتِلَافِهِمَا كَالصَّلَاتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ، وَكَمَا لَوْ نَوَى بِطَوَافِهِ الْوَدَاعَ عَنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ لَا يَتِمُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ فَإِذَا تَرَكَهُ، وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ رَجَعَ حَرَامًا عَنِ النِّسَاءِ إِنْ كَانَ قَدْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَإِلَّا فَحَرَامًا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ.
(فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الْوَدَاعِ رَجَعَ إِلَيْهِ) مَعَ إِمْكَانِهِ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ أَوْ بُعْدِهَا، وَلَيْسَ هُنَاكَ خَوْفٌ عَلَى نَفْسٍ وَلَا مَالٍ، وَلَا فَوَاتِ رُفْقَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِالْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ تَلْحَقُهُ، فَإِنْ رَجَعَ الْقَرِيبُ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِحْرَامٌ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ لِإِتْمَامِ نُسُكٍ مَأْمُورٍ بِهِ، كَرُجُوعِهِ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَالْبَعِيدُ يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ، وَيَأْتِي بِهَا، ثُمَّ يَطُوفُ لِوَدَاعِهِ، وَلَا يُجَاوِزُ الْمِيقَاتَ إِنْ كَانَ إِلَّا مُحْرِمًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْأَعْذَارِ، وَفِي سُقُوطِ الدَّمِ عَنْهُ خِلَافٌ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ) الرُّجُوعُ (فَعَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ فِي الْحَجِّ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَصَلَ إِلَى بَلْده (إِلَّا الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لَا وَدَاعَ عَلَيْهِمَا) وَلَا فِدْيَةَ لِذَلِكَ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ لِلنَّصِّ السَّابِقِ فِي الْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءُ مِثْلُهَا فِيمَا يَجِبُ وَيَسْقُطُ، لَكِنْ يُسَنُّ أَنْ تَقِفَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَتَدْعُو فَإِنْ طَهُرَتْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ اغْتَسَلَتْ، وَوَدَّعَتْ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْإِقَامَةِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ فَمَضَتْ أَوْ مَضَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهَا دَمٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يَلْزَمْهَا الرُّجُوعُ لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْمِ الْحَضَرِ.
فَرْعٌ: إِذَا وَدَّعَ ثُمَّ أَقَامَ بِمِنًى، وَلَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ، جَازَ، وَإِنْ خَرَجَ غَيْرَ حَاجٍّ فَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يُوَدِّعُ.
[الْوُقُوفُ فِي الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ]
فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ دُخُولُ الْبَيْتِ، فَيُكَبِّرُ فِي نَوَاحِيهِ، وَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَيَدْعُو اللَّهَ - تَعَالَى - لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْحِجْرُ مِنْهُ. مُتَجَرِّدًا مِنَ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ وَالسِّلَاحِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَالنَّظَرُ إِلَيْهِ عِبَادَةٌ، وَإِذَا نُزِعَتْ ثِيَابُهَا تُصُدِّقَ بِهَا قَالَهُ أَحْمَدُ، (وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْوَدَاعِ وَقَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute