للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ. وَإِنِ اتَّجَرَ ذِمِّيٌّ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، ثُمَّ عَادَ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَإِنْ اتَّجَرَ حَرْبِيٌّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَغَيْرِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي وَقْفِهِ عَلَيْهِ وَوَصِيَّتُهُ لَهُ؛ فَتَكُونُ عَلَى هَذَا الْعِمَارَةُ فِي الْآيَةِ دُخُولَهُ وَجُلُوسَهُ فِيهِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: «إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَقُولُ {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة: ١٨] الْآيَةَ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَفِي " الْفُنُونِ ": وَارِدَةٌ عَلَى سَبَبٍ، وَهِيَ عِمَارَةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ فِيهِ فَقَطْ لِشَرَفِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ بِنَائِهِ وَإِصْلَاحِهِ، وَلَمْ يَخُصَّ مَسْجِدًا، بَلْ أَطْلَقَ، وَقَالَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ.

[تِجَارَةُ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

فَصْلٌ (وَإِنِ اتَّجَرَ ذَمِّيٌّ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ) لِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ (ثُمَّ عَادَ فَعَلَيْهِ) فِي تِجَارَتِهِ (نِصْفُ الْعُشْرِ) عَلَى الْمَذْهَبِ لِمَا رَوَى أَنَسٌ قَالَ: أَمَرَنِي عُمَرُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْمُسْلِمِ رُبُعَ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حَنِيفٍ إِلَى الْكُوفَةِ فَجَعَلَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي أَمْوَالِهِمُ الَّتِي يَخْتَلِفُونَ فِيهَا فِي كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَهَذَا كَانَ بِالْعِرَاقِ وَاشْتُهِرَ، وَعُمِلَ بِهِ، وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ. وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُمُ الْعُشْرُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَاضِحِ ". وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتِ امْرَأَةً، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فَاسْتَوَيَا فِيهِ كَالزَّكَاةِ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا عُشْرَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مَحْقُونَةُ الدَّمِ، لَهَا الْمُقَامُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ، فَلَمْ يُعَشَّرْ تِجَارَتُهَا، كَالْمُسْلِمِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَتُهَا بِالْحِجَازِ، فَتُعَشَّرُ كَالرَّجُلِ، وَرَدَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّ هَذَا لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحْمَدَ، وَلَا يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُهُ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ التَّغْلِبِيَّ، جَزَمَ بِهِ فِي " التَّرْغِيبِ " وَتُؤْخَذُ مِنْهُ ضِعْفَ مَا تُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَقَدَّمَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْعُشْرِ وَجَبَ فِي أَمْوَالِهِمْ بِالشَّرْطِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>