للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْنَا، أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَقَلِّ مِنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَيُؤْخَذُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُؤْخَذُ مِنَ الْحَرْبِيِّ كُلَّمَا دَخَلَ إِلَيْنَا.

وَعَلَى الْإِمَامِ حِفْظُهُمْ، وَالْمَنْعُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تُؤْخَذُ مَرَّةً أُخْرَى كَسَائِرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ، فَلَوْ مَرَّ بِالْعَاشِرِ مِنْهُمْ مُنْتَقِلٌ مَعَهُ أَمْوَالُهُ وَسَائِمَتُهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ لِلتِّجَارَةِ فَتُؤْخَذُ مِنْهَا.

(وَإِنِ اتَّجَرَ حَرْبِيٌّ إِلَيْنَا، أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ) لِأَنَّ عُمَرَ أَخَذَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ الْعُشْرَ، وَاشْتُهِرَ، وَلَمْ يُنْكَرْ، وَعَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، وَقِيلَ: نِصْفُهُ، وَكَذَا حُكْمُ الْمُسْتَأْمَنِ إِذَا اتَّجَرَ إِلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ. (وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُعْظَمِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ فِيهِ حَقٌّ بِالشَّرْعِ، فَاعْتُبِرَ لَهُ النِّصَابُ كَزَكَاةِ الزَّرْعِ، ثُمَّ بَيَّنَ مِقْدَارَهُ وَهُوَ عَشْرَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَالٌ يَبْلُغُ وَاجِبُهُ نِصْفَ دِينَارٍ، فَوَجَبَ كَالْعُشْرِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، وَعَنْهُ: نِصَابُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الذِّمِّيِّ شَيْءٌ كَالْيَسِيرِ. وَقِيلَ: يُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ. وَنَقَلَ صَالِحٌ: الْعِشْرُونَ لِلذِّمِّيِّ، وَالْعَشْرَةُ لِلْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلًا أَقَلُّ مَالٍ لَهُ نِصْفُ عُشْرٍ صَحِيحٌ، وَثَانِيًا أَقَلُّ مَالٍ لَهُ عُشْرٌ صَحِيحٌ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْهُمَا كَالْجِزْيَةِ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: يُعْتَبَرُ لِلذِّمِّيِّ عَشْرَةٌ، وَلِلْحَرْبِيِّ خَمْسَةٌ.

فَرْعٌ: يَمْنَعُ الدَّيْنُ أَخْذَهُ كَالزَّكَاةِ إِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، وَفِي تَصْدِيقِهِ بِجَارِيَةٍ مَرَّ بِهَا بِأَنَّهَا بِنْتُهُ أَوْ أَهْلُهُ رِوَايَتَانِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ " لَا عُشْرَ عَنْ زَوْجَتِهِ وَسُرِّيَّتِهِ. (وَيُؤْخَذُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً) نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ نَصْرَانِيًّا جَاءَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: إِنْ عَامِلَكَ عَشَّرَنِي فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ. قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الشَّيْخُ النَّصْرَانِيُّ. فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَا الشَّيْخُ الْحَنِيفُ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ: أَنْ لَا يُعَشِّرَ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّ الْجِزْيَةَ وَالزَّكَاةَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً، فَكَذَا هَذَا، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْهُ: مَا لَمْ يَشْرُطْ أَكْثَرَ. وَفِي " الْوَاضِحِ ": الْخُمْسُ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفِ: لِلْإِمَامِ تَرْكُهُ إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ) وَالْآمِدِيُّ (يُؤْخَذُ مِنَ الْحَرْبِيِّ كُلَّمَا دَخَلَ إِلَيْنَا) لِأَنَّ سَبَبَهُ الدُّخُولُ إِلَيْنَا، وَالشَّيْءُ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ سَبَبِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>