تُقْبَلُ إِلَّا أَنْ تَتَعَذَّرَ شَهَادَةُ شُهُودِ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ، أَوْ مَرَضٍ، غَيْبَةٍ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِمْ.
وَلَا يَجُوزُ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَه إِلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأَصْلِ، فَيَقُولُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ، وَقَدْ عَرَفْتَهُ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ، أَقَرَّ عِنْدِي، وَأَشْهَدَنِي عَلَى نَفْسِهِ طَوْعًا بكَذَا، أَوْ شَهِدْتُ عَلَيْهِ، أَوْ أَقَرَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّ قَبُولَهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْقِصَاصَ وَالْحُدُودَ، فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ. (وَلَا تُقْبَلُ) أَيْ: لَا يُحْكَمُ بِهَا، قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ. (إِلَّا أَنْ تَتَعَذَّرَ شَهَادَةُ شُهُودِ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ) وَعَلَى الْأَصَحِّ (أَوْ مَرَضٍ) أَوْ خَوْفٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ (غَيْبَةٍ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَصْلِ أَقْوَى ; لِأَنَّهَا تُثْبِتُ نَفْسَ الْحَقِّ، وَهَذِهِ لَا تُثْبِتُهُ ; لِأَنَّ سَمَاعَ الْقَاضِي مِنْهُمَا مُتَيَقَّنٌ، وَصِدْقُ شَاهِدَيِ الْفَرْعِ عَلَيْهِمَا مَظْنُونٌ، فَلَمْ يُقْبَلِ الْأَدْنَى مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَقْوَى، وَكَسَائِرِ الْأَبْدَالِ، وَالْغَيْبَةُ هُنَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ. ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ مَا دُونُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ. وَاخْتَارَ الْقَاضِي: أَنَّهَا مَا لَا يَتَّسِعُ الْعَوْدُ وَالذَّهَابُ فِي يَوْمٍ. وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَأَبُو حَامِدِ الشَّافِعِيُّ لِلْمَشَقَّةِ، بِخِلَافِ مَا دُونَ الْيَوْمِ. (وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِمْ) هذا رِوَايَةٌ: أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَةِ فَرْعٍ فِي حَيَاةِ أَصْلٍ ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ حَيًّا رُجِيَ حُضُورُهُ، فَكَانَ كَالْحَاضِرِ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّهُ قَدْ تَعَذَّرَتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ فَقُبِلَ، كَمَا لَوْ مَاتَ شَاهِدُ الْأَصْلِ.
[لَا يَجُوزُ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ إِلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأَصْلِ]
(وَلَا يَجُوزُ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يشهده إِلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأَصْلِ) قَالَ أَحْمَدُ: لَا تَكُونُ شَهَادَةٌ إِلَّا أَنْ يُشْهِدَكَ ; لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيهَا مَعْنَى النِّيَابَةِ، وَالنِّيَابَةُ بِغَيْرِ إِذْنٍ لَا تَجُوزُ.
وَعَنْهُ: تَجُوزُ مُطْلَقًا. ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهَا فِي التَّبْصِرَةِ. (فَيَقُولُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ وَقَدْ عَرَفْتَهُ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَقَرَّ عِنْدِي وَأَشْهَدَنِي عَلَى نَفْسِهِ طَوْعًا بِكَذَا، أَوْ شَهِدْتُ عَلَيْهِ، أَوْ أَقَرَّ عِنْدِي بِذَلِكَ) هَذَا وَجْهُ تَعْدَادِ الشَّهَادَةِ.
وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا اسْتَرْعَى غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ حَتَّى يَسْتَرْعِيَهُ بِعَيْنِهِ. وَرَجَّحَ فِي الْمُغْنِي، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لِحُصُولِ الِاسْتِرْعَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute