للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَدِيعَةَ إِلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ ضَمِنَ، وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا أَوْ خَافَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ رَدَّهَا إِلَى مَالِكِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ حَمَلَهَا مَعَهُ إِنْ كَانَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: اتْرُكْهَا فِي بَيْتِكَ فَشَدَّهَا فِي ثِيَابِهِ وَأَخْرَجَهَا مَعَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ أَحْرَزُ، وَإِنْ قَالَ: لَا يُدْخِلُ بَيْتَ الْوَدِيعَةِ أَحَدًا فَخَالَفَهُ، وَسَرَقَهَا الدَّاخِلُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا شَاهَدَهَا فِي دُخُولِ الْبَيْتِ، وَإِنْ سَرَقَهَا غَيْرُ الدَّاخِلِ فَلَا فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا لِإِتْلَافِهَا، وَقِيلَ: بَلَى، جُزِمَ بِهِ فِي " الْكَافِي " وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَلَّ السَّارِقُ عَلَيْهَا (وَإِنْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إِلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ) أَوْ مَالَ رَبِّهَا عَادَةً (كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ لَمْ يَضْمَنْ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُودِعٌ، فَلَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِحِفْظِ مَالِهِ، وَكَوَكِيلِ رَبِّهَا، وَأَلْحَقَ بِهِمَا فِي " الرَّوْضَةِ " الْوَلَدَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَمَا لَوْ دَفَعَ الْمَاشِيَةَ إِلَى الرَّاعِي، أَوِ الْبَهِيمَةَ إِلَى غُلَامِهِ لِيَسْقِيَهَا، وَقِيلَ: يَضْمَنُ كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إِلَى أَجْنَبِيٍّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَصْدُقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ، أَوِ التَّلَفِ كَالْمُودِعِ.

[دَفْعُ الْوَدِيعَةِ إِلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ فَهَلَكَتْ]

(وَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ) لِعُذْرٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا (ضَمِنَ) لِأَنَّهُ مُوَدِعٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الْحَاكِمِ (وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ) إِذَا تَلِفَتْ (مُطَالَبَةُ الْأَجْنَبِيِّ) لِأَنَّ الْمُودِعَ ضَمِنَ بِنَفْسِ الدَّفْعِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْحِفْظِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ دَفْعًا وَاحِدًا لَا يُوجِبُ ضَمَانَيْنِ بِخِلَافِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ ضَامِنَةٌ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ (وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ ذَلِكَ) وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ مَا لَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ، أَشْبَهَ الْمُودِعَ مِنَ الْغَاصِبِ، وَكَمَا لَوْ دَفَعَهَا إِلَى إِنْسَانٍ هِبَةً، وَعَلَيْهِ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي إِنْ عَلِمَ، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَوَّلِ، وَجَزَمَ فِي " الْوَجِيزِ " أَنَّهُمَا لَا يُطَالِبَانِ إِنْ جَهِلَا، وَيَتَخَرَّجُ مِنْ رِوَايَةِ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ لَهُ الْإِيدَاعُ بِلَا عُذْرٍ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا لَمْ يَنْهَهُ.

(وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا أَوْ خَافَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ رَدَّهَا إِلَى مَالِكِهَا) أَوْ وَكِيلِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>