فَصْلٌ
فِي الْخُلْطَةِ وَإِذَا اخْتَلَطَ نَفْسَانِ، أَوْ أَكْثَرُ، مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، فِي نِصَابٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ حَوْلًا، لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِلْحَاجَةِ إِنْ تَعَذَّرَ الْفَرْضُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِلنُّصُوصِ، وَقَوْلُ مُعَاذٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِزْيَةِ، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ مَجَازًا، وَقَوْلُهُ: مَكَانَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَالَحَهُمْ عَنْ أَرَاضِيهِمْ بِذَلِكَ. قَالَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا؛ وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ حَاجَةِ الْفُقَرَاءِ وَشُكْرًا لِنِعْمَةِ الْمَالِ، فَيَتَنَوَّعُ الْوَاجِبُ لِيَصِلَ إِلَى الْفَقِيرِ مَنْ كُلِّ نَوْعٍ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ حَاجَتُهُ، وَيَحْصُلُ شُكْرُ النِّعْمَةِ بِالْمُوَاسَاةِ مَنْ جِنْسِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّ فِي تَجْوِيزِ إِخْرَاجِ غَيْرِهَا عُدُولًا عَنِ الْمَفْرُوضِ (وَإِنْ أَخْرَجَ سِنًّا أَعْلَى مِنَ الْفَرْضِ مِنْ جِنْسِهِ) كَبِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ (جَازَ) قَالَهُ الْأَئِمَّةُ، لِمَا رَوَى أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: " «أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتَانِي رَسُولُكَ لِيَأْخُذَ مِنِّي صَدَقَةَ مَالِي، فَزَعَمَ أَنَّ مَا عَلَيَّ مِنْهُ بِنْتَ مَخَاضٍ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ نَاقَةً فَتِيَّةً سَمِينَةً، فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: ذَاكَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْكَ، فَإِنْ تَطَوَّعْتَ بِخَيْرٍ آجَرَكَ اللَّهُ فِيهِ، وَقَبِلْنَاهُ مِنْكَ، فَقَالَ: هَا هِيَ ذِهْ، فَأَمَرَ بِقَبْضِهَا، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ. وَلِأَنَّهُ زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ جِنْسِهِ مَا يُجْرِئُ عَنْ غَيْرِهِ فَأَجْزَأَ، كَمَا لَوْ زَادَ فِي الْعَدَدِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا: لَا يُجْزِئُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّهُ عُدُولٌ عَنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ فِي الْخُلْطَةِ]
[تَعْرِيفُ الْخُلْطَةِ]
فِي الْخُلْطَةِ بِضَمِّ الْخَاءِ: الشَّرِكَةُ؛ وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ (وَإِذَا اخْتَلَطَ نَفْسَانِ) ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْوَاحِدُ، وَلَا خُلْطَةَ مَعَهُ (أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ) فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُكَاتَبًا أَوْ ذِمِّيًّا، فَلَا أَثَرَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي مَالِهِ، فَلَمْ يَكْمُلِ النِّصَابُ بِهِ (فِي نِصَابٍ) فَلَوْ كَانَ الْمَجْمُوعُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute