فِي الْإِقَامَةِ،
وَيُؤَذِّنَ قَائِمًا مُتَطَهِّرًا، عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا بَلَغَ الْحَيْعَلَةَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
» قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: فَأُدْخِلَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي التَّأْذِينِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَقِيلَ: يَجِبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الرَّوْضَةِ " وَيُسَمَّى هَذَا التَّثْوِيبَ لِأَنَّهُ مِنْ ثَابَ بِالْمُثَلَّثَةِ إِذَا رَجَعَ، لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَعَا إِلَى الصَّلَاةِ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الدُّعَاءِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُهُ، وَلَوْ أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ فِي غَيْرِ أَذَانِ الْفَجْرِ، وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِقَوْلِ بِلَالٍ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُثَوِّبَ فِي الْفَجْرِ، وَنَهَانِي أَنْ أُثَوِّبَ فِي الْعِشَاءِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَاخْتُصَّتْ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ وَقْتٌ يَنَامُ النَّاسُ فِيهِ غَالِبًا، فَشُرِعَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ.
[التَّرَسُّلُ فِي الْأَذَانِ وَالْحَدْرُ فِي الْإِقَامَةِ]
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَرَسَّلَ) أَيْ: يَتَمَهَّلَ، وَيَتَأَنَّى مِنْ قَوْلِهِمْ: جَاءَ فُلَانٌ عَلَى رِسْلِهِ (فِي الْأَذَانِ وَيَحْدُرَ) أَيْ: يُسْرِعَ (الْإِقَامَةِ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبِلَالٍ: «يَا بِلَالُ إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ، وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ صَاحِبِ السِّقَاءِ، وَهُوَ إِسْنَادٌ مَجْهُولٌ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي " مُسْتَدْرَكِهِ " وَعَنْ عُمَرَ مَعْنَاهُ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَلِأَنَّهُ إِعْلَامُ الْغَائِبِينَ، فَالتَّثَبُّتُ فِيهِ أَبْلَغُ، وَالْإِقَامَةَ إِعْلَامُ الْحَاضِرِينَ فَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ فِيهَا، وَيُسَنُّ أَذَانُهُ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَأَنْ يَقِفَ عَلَى كُلِّ جُمْلَةٍ، قَالَ جَمَاعَةٌ: هُمَا مَجْزُومَانِ، وَحُكِيَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: شَيْئَانِ مَجْزُومَانِ كَانُوا لَا يُعْرِبُونَهُمَا الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ.
[الْأَذَانُ قَائِمًا مُتَطَهِّرًا]
(وَأَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا) لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبِلَالٍ: «قُمْ فَأَذِّنْ» وَكَانَ مُؤَذِّنُوهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُؤَذِّنُونَ قِيَامًا، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ، لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِسْمَاعِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا أَذَّنَ قَاعِدًا أَنَّهُ يَصِحُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute