الضَّمَانُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ الْعِتْقُ إِذَا صَدَّقُوهُ كُلُّهُمْ.
فَصْلٌ وَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، وَإِنْ أَعْوَزَ الْمِثْلَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مِثْلِهِ يَوْمَ إِعْوَازِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَعَنْهُ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِوَارِثِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ لِلْمُدَّعِي، لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَهُ، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَدَّعِيهِ، وَإِنْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ وَحْدَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، وَلَمْ يَرْجِعِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ الْعِتْقُ إِذَا صَدَّقُوهُ كُلُّهُمْ) وَيَعُودُ الْعَبْدُ إِلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ، أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِمَنْ يَدَّعِيهِ، فَصَحَّ كَمَا لَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ الْمُشْتَرِي.
[ضَمَانُ الْمَغْصُوبِ إِذَا تَلِفَ]
فَصْلٌ (وَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ) أَوْ أَتْلَفَهُ (ضَمِنَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] (بِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا) لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّ الْعَيْنِ لَزِمَهُ رَدُّ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا، وَقَدْ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعًا فِي كُلِّ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مُسْتَهْلِكِهِ مِثْلُهُ لَا قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنَ الْقِيمَةِ، فَهُوَ مُمَاثِلٌ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الصُّورَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ وَالْمَعْنَى، وَالْقِيمَةُ مُمَاثِلَةٌ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الظَّنِّ وَالِاجْتِهَادِ، وَالْأَوَّلُ مُقَدَّمٌ كَالنَّصِّ مَعَ الْقِيَاسِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى الْمِثْلِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْكَافِي ". وَعَنْهُ: يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَذَكَرَ أَيْضًا الْقِيمَةَ فِي نَقْرَةٍ وَسَبِيكَةٍ، وَعِنَبٍ وَرُطَبٍ، كَمَا فِيهِ صِنَاعَةٍ مُبَاحَةٍ لَا مُحَرَّمَةٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنَ الْأَوَّلِ الْمَاءُ فِي الْمَفَازَةِ، فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ فِي الْبَرِّيَّةِ.
مَسْأَلَةٌ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ وَالْأَوْلَى، وَجَازَ السَّلَمَ فِيهِ كَمَاءٍ وَتُرَابٍ (وَإِنْ أُعْوِزَ الْمِثْلُ) فِي الْبَلَدِ أَوْ حَوْلَهُ (فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَثَلِهِ يَوْمَ إِعْوَازِهِ) أَيْ: يَوْمَ تَعَذُّرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ يَوْمَ الْإِعْوَازِ، فَوَجَبَ أَنْ تُعْتَبَرَ الْقِيمَةُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ وُجُوبِهَا (وَقَالَ الْقَاضِي: يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ) أَيْ: قَبْضِ بَدَلِهِ، وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمِثْلَ إِلَى حِينِ قَبْضِ الْبَدَلِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْمِثْلَ بَعْدَ إِعْوَازِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute