للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابَتُهُ صَحَّ لِعَانُهُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا.

وَهَلْ يَصِحُّ لِعَانُ مَنِ اعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَأَيِسَ مَنْ نُطْقِهِ بِالْإِشَارَةِ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ خَرْسَاءَ لَمْ تُلَاعِنْ ; لِأَنَّهُ لَا تُعْلَمُ مُطَالَبَتُهَا، وَلِأَنَّ اللِّعَانَ يَفْتَقِرُ إِلَى الشَّهَادَةِ، أَشْبَهَ الشَّهَادَةَ الْحَقِيقِيَّةَ، وَلِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَالْإِشَارَةِ لَيْسَتْ صَرِيحَةً كَالنُّطْقِ، وَلَا يَخْلُو مِنِ احْتِمَالٍ وَتَرَدُّدٍ. وَجَوَابُهُ: أَنَّ الشَّهَادَةَ يُمْكِنُ حُصُولُهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَلَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ فِيهَا. وَاللِّعَانُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا مِنْهُ فَدَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى قَبُولِهِ مِنْهُ كَالطَّلَاقِ. وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَقَوْلُنَا أَحْسَنُ إِذِ الشَّهَادَةُ قَدْ لَا تَحْصُلُ إِلَّا مِنْهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِرُؤْيَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، أَوْ سَمَاعِهِ إِيَّاهُ. وَجَوَابُهُ: بِأَنَّ مُوجِبَ الْقَذْفِ وُجُوبُ الْحَدِّ، وَهُوَ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ. وَمَقْصُودُ اللِّعَانِ نَفْيُ السَّبَبِ، وَهُوَ يَثْبُتُ بِالْإِمْكَانِ مَعَ ظُهُورِ انْتِفَائِهِ، (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا كَانَ غَيْرَ مَعْلُومِ الْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ لَمْ يَصِحَّ.

١ -

فَرْعٌ: إِذَا قَذَفَ الْأَخْرَسُ وَلَاعَنَ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فَأَنْكَرَهُمَا لَمْ يُقْبَلْ إِنْكَارُهُ لِلْقَذْفِ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ، وَيُقْبَلُ إِنْكَارُهُ لِلِّعَانِ فِيمَا عَلَيْهِ فَيُطَالِبُ بِالْحَدِّ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ، وَلَا تَعُودُ الزَّوْجَةُ، فَإِنْ قَالَ: أَنَا أُلَاعِنُ لِسُقُوطِ

[لِعَانُ مَنِ اعْتُقِلَ لِسَانُهُ]

الْحَدِّ وَنَفْيِ النَّسَبِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنِ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا، ثُمَّ أَنْكَرَ فَكَاللِّعَانِ. (وَهَلْ يَصِحُّ لِعَانُ مَنِ اعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَأَيِسَ مَنْ نُطْقِهُ بِالْإِشَارَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ ". أَحَدُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " يَصِحُّ كَالْأَخْرَسِ الْأَصْلِيِّ، وَالثَّانِي لَا ; لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنِ النُّطْقِ لِعَارِضٍ أَشْبَهَ غَيْرَ الْمَأْيُوسِ، فَإِنْ قَالَ: لَمْ أُرِدْ قَذْفًا وَلِعَانًا قُبِلَ فِي لِعَانٍ فِي حَدٍّ وَنَسَبٍ فَقَطْ، وَيُلَاعِنُ لَهُمَا، فَإِنْ رُجِيَ نُطْقُهُ انْتُظِرَ. وَفِي " التَّرْغِيبِ " ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَفَائِدَتُهُ صِحَّةُ قَذْفِ الْأَخْرَسِ وَلِعَانُهُ ; لِأَنَّا لَا نَأْمُرُهُ بِاللِّعَانِ وَنَحْبِسُهُ إِذَا نَكَلَ حَتَّى يُلَاعِنَ. ذَكَرَهُ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ". وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتضِي أَنَّهُ يُحَدُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>