للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُطْعِمُهُ الرَّقِيقَ وَالْبَهَائِمَ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَصِحُّ.

فَصْلٌ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمِثْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ بِمَنْ هُوَ أَكْثَرُ ضَرَرًا مِنْهُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَلِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ فَجَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ كَالْفَصْدِ، وَالْخِتَانِ، وَنَحْوِهِمَا (وَيُكْرَهُ لِلْحُرِّ أَكْلُ أُجْرَتِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ التَّحْرِيمُ، فَإِنَّهُ قَدْ سَمَّى الْبَصَلَ وَالثُّومَ خَبِيثَيْنِ مَعَ إِبَاحَتِهِمَا، وَخَصَّ الْحُرَّ بِذَلِكَ تَنْزِيهًا لَهُ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، وَمَنَعَ فِي " الشَّرْحِ " أَنْ يَكُونَ عَنْ أَحْمَدَ نَصًّا بِالتَّحْرِيمِ، وَإِنَّمَا قَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ كَمَا أَعْطَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي " الْخِلَافِ ": يَحْرُمُ عَلَى السَّيِّدِ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الْأَحْرَارِ، وَاسْتَنْبَطَهُ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ (وَيُطْعِمُهُ الرَّقِيقَ وَالْبَهَائِمَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَطْعِمْهُ نَاضِحَكَ، وَرَقِيقَكَ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " مِثْلُهُ.

وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَتِهِ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُطْعِمَ رَقِيقَهُ مَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ، فَإِنَّ الرَّقِيقَ آدَمِيٌّ يُمْنَعُ مِنْهُ مَا يُمْنَعُ الْحُرُّ (وَقَالَ الْقَاضِي) وَالْحُلْوَانِيُّ (لَا تَصِحُّ) الْإِجَارَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَكَذَا أَخْذُهُ بِلَا شَرْطٍ، وَجَوَّزَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَيَصْرِفُهُ فِي عَلَفِ دَابَّتِهِ، وَمُؤْنَةِ صِنَاعَتِهِ، وَيَحِلُّ أَكْلُهُ، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ الْحُلْوَانِيُّ لِغَيْرِ حُرٍّ.

[فَصْلٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ]

فَصْلٌ (وَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمِثْلِهِ) لِأَنَّ أَصْلَ الْعَقْدِ يُرَادُ لِلْعَاقِدِ، فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءَهَا بِنَفْسِهِ، فَقِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا صِحَّةُ الْعَقْدِ وَبُطْلَانُ الشَّرْطِ ; لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>