وَنَحْوِهِمَا، وَعَنْهُ: تَصِحُّ، وَإِنِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْجُمَهُ صَحَّ، وَيُكْرَهُ لِلْحُرِّ أَكْلُ أُجْرَتِهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ، إِنَّكَ لَوْ لَبِسْتَهَا أَلْبَسَكَ اللَّهُ مَكَانَهَا ثَوْبًا مِنْ نَارٍ» ، رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ، وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ كَوْنَهَا قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَجُزْ أَخْذُ الْأُجْرَةِ كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يُصَلُّونَ خَلْفَهُ (وَعَنْهُ: تَصِحُّ) لِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - زَوَّجَ رَجُلًا بِمَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا جَازَ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ عِوَضًا فِي النِّكَاحِ وَقَامَ مَقَامَ الْمَهْرِ جَازَ أَخْذُ الْأَجْرِ عَلَيْهِ، وَلِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الرُّقْيَةِ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَجَازَ أَخْذُ الْأَجْرِ عَلَيْهِ كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ مَعَ أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى الِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهِ، وَكَمَنْ أَعْطَى بِلَا شَرْطٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَجِعَالَةٍ، وَفِيهَا وَجْهَانِ، وَفِي " الْمُنْتَخَبِ " الْجُعْلُ فِي حَجٍّ كَأُجْرَةٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; لِأَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ وَجَعْلَهُ صَدَاقًا فِيهِ عَنْهُ اخْتِلَافٌ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ تَصْرِيحٌ بِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ زَوَّجَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ إِكْرَامًا لَهُ كَمَا زَوَّجَ أَبَا طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ عَلَى إِسْلَامِهِ، وَلَوْ سَلِمَ جَوَازُهُ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَهْرِ وَالْأَجْرِ أَنَّ الْمَهْرَ لَيْسَ بِعِوَضٍ مَحْضٍ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ خُلُوُّ الْعَقْدِ عَنْ تَسْمِيَتِهِ، وَيَصِحُّ مَعَ فَسَادِهِ بِخِلَافِ الْأَجْرِ، وَأَمَّا الرُّقْيَةُ فَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِهِ ; لِأَنَّهَا مُدَاوَاةٌ، وَالْمَأْخُوذُ عَلَيْهَا جُعْلٌ، وَفِي حَدِيثٍ وَفْقَهُ وَجْهَانِ أَشْهَرُهَا الْمَنْعُ، وَكَذَا الْقَضَاءُ، قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ.
وَجَوَّزَ ذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِحَاجَةٍ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُكْرَهُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ فَيَجُوزُ كَتَعْلِيمِ الْخَطِّ وَالْحِسَابِ، وَفِي " الْمُبْهِجِ " لَا مُشَاهَرَةً، وَلَهُ أَخْذُ رِزْقٍ عَلَى مَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ لَا عَلَى مَا لَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ كَصَوْمٍ، وَصَلَاةٍ خَلْفَهُ، وَنَحْوِهِ.
(وَإِنِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْجُمَهُ صَحَّ) فِي الْأَصَحِّ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أُجْرَةً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute