كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، وَبِنَاءِ دَارٍ، وَحَمْلٍ إِلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا يَكُونُ الْأَجِيرُ فِيهَا إِلَّا آدَمِيًّا جَائِزَ التَّصَرُّفِ، وَيُسَمَّى الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ كَقَوْلِهِ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَخِيطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ فِي يَوْمٍ لَمْ يَصِحَّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ، وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ كَالْحَجِّ وَالْأَذَانِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
هَرَبَ اكْتَرَى مَنْ يَعْمَلُهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَرَطَ مُبَاشَرَتَهُ بِنَفْسِهِ فَلَا عَمَلَ وَلَا اسْتِنَابَةَ إِذًا، وَفِي " الْمُغْنِي ": إِنِ اخْتَلَفَ الْقَصْدُ فِيهِ كَنَسْخ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَا الْمُكْتَرِيَ قَبُولُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الْفَسْخُ، وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِ مَحَلِّ عَمَلٍ مُعَيَّنٍ.
(وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ كَقَوْلِهِ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَخِيطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ فِي يَوْمٍ لَمْ يَصِحَّ) فِي الْأَشْهَرِ ; لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا يَزِيدُ الْإِجَارَةَ غَرَرًا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَفْرَغُ مِنَ الْعَمَلِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْيَوْمِ، فَإِنِ اسْتَعْمَلَ فِي بَقِيَّتِهِ فَقَدْ زَادَ عَلَى مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ كَانَ تَارِكًا لِلْعَمَلِ فِي بَعْضِهِ فَهَذَا غَرَرٌ أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ وَلَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فِي مَحَلِّ الْوِفَاقِ فَلَمْ يَجُزِ الْعَقْدُ مَعَهُ (وَيُحْتَمَلْ أَنْ يَصِحَّ) هَذَا رِوَايَةٌ ; لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مَعْقُودَةٌ عَلَى الْعَمَلِ، وَالْمُدَّةُ إِنَّمَا ذُكِرَتْ لِلتَّعْجِيلِ فَلَا يَفْسَدُ الْعَقْدُ، وَكَجُعَالَةٍ، وَفِيهَا وَجْهٌ قَالَ فِي " التَّبْصِرَةِ ": وَإِنِ اشْتَرَطَ تَعْجِيلَ الْعَمَلِ فِي أَقْصَى مُمْكِنٍ فَلَهُ شَرْطُهُ وَعَلَيْهَا إِذَا تَمَّ الْعَمَلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعَمَلُ فِي بَقِيَّتِهَا كَقَضَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ أَجْلِهِ، وَإِنْ مَضَتِ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْعَمَلِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ، فَإِنْ رَضِيَ بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ الْفَسْخُ، فَإِنِ اخْتَارَ إِمْضَاءَ الْعَقْدِ طَالَبَهُ بِالْعَمَلِ فَقَطْ كَالْمُسَلَّمِ إِذَا صَبَرَ عِنْدَ التَّعَذُّرِ، وَإِنْ فَسَخَ قَبْلَ الْعَمَلِ سَقَطَ الْأَجْرُ وَالْعَمَلُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ عَمَلِ بَعْضِهِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ انْفَسَخَ وَسَقَطَ الْمُسَمَّى.
(وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ) أَيْ مُسْلِمًا (كَالْحَجِّ) أَيِ النِّيَابَةِ فِيهِ (وَالْأَذَانِ وَنَحْوِهِمَا) كَإِمَامَةِ صَلَاةٍ، وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ فِي الْمَشْهُورِ لِمَا «رَوَى عُبَادَةُ قَالَ: عَلَّمْتُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْقُرْآنَ، فَأَهْدَى لِي رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إِنْ سَرَّكَ أَنْ يُقَلِّدَكَ اللَّهُ قَوْسًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا» ، «وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ عَلَّمَ رَجُلًا سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَأَهْدَى لَهُ خَمِيصَةً أَوْ ثَوْبًا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute