للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَرْطٍ، لَكِنْ إِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى عَمْدًا مَحْضًا، لَمْ يُقْسِمُوا إِلَّا عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ، وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَهُ، وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، فَلَهُمُ الْقَسَامَةُ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ، وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ.

فَصْلٌ وَيَبْدَأُ فِي الْقَسَامَةِ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ، فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَيَخْتَصُّ ذَلِكَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْقِصَاصُ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُوجِبَةً لَهُ كَدَعْوَى قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ لَمْ يُوجَدِ الْغَرَضُ (وَأَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَلَى وَاحِدٍ) لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَيَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ» وَلِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ ضَعِيفَةٌ خُولِفَ بِهَا الْأَصْلُ مِنْ قَتْلِ الْوَاحِدِ، فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ مَا عَدَاهُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاتِلِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا لِتَصِحَّ الدَّعْوَى، وَإِمْكَانُ الْقَتْلِ وَصِفَةُ الْقَتْلِ، فَلَوِ اسْتَحْلَفَهُ الْحَاكِمُ قَبْلَ تَفْصِيلِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، لِعَدَمِ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى وَطَلَبِ الْوَرَثَةِ (وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ) لِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ بِهَا الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ (لَكِنْ إِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى عَمْدًا مَحْضًا لَمْ يُقْسِمُوا إِلَّا عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ، وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَهُ) لِخَبَرِ سَهْلٍ (وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَلَهُمُ الْقَسَامَةُ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ، وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ) لِأَنَّهَا حُجَّةٌ يَثْبُتُ بِهَا الْعَمْدُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ، فَيَثْبُتُ بِهَا غَيْرُهُ وَهُوَ الْمَالُ كَالْبَيِّنَةِ.

[أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ يَبْدَؤُهَا الْمُدَّعُونَ]

فَصْلٌ (وَيُبْدَأُ فِي الْقَسَامَةِ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ) أَيْ: ذُكُورِ الْعَصَبَةِ الْعُدُولِ أَوَّلًا، نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَيَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ» (فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا) أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ خَمْسُونَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ، فَإِذَا حَلَفَ ثَبَتَ الْحَقُّ فِي قِبَلِهِ لِحَدِيثِ سَهْلٍ، وَلِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا، قَالَ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ إِلَّا فِي الْقَسَامَةِ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ، وَذُكِرَ أَنَّهُ رُوِيَ مُرْسَلًا، وَرُوِيَ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا كَذَلِكَ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ يَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهَا، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، وَلِأَنَّهَا أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>