للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْهُ: إِنْ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجِ غَيْرِهِ رَجَعَتْ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ،

وَإِنِ ارْتَجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ، فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ مَنْ أَصَابَهَا - رُدَّتْ إِلَيْهِ، وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَعَنْهُ: أَنَّهَا زَوْجَةُ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِرَجْعَتِهَا لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ لَكِنْ إِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ الثَّانِي بَانَتْ مِنْهُ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

آخَرَ.

(وَعَنْهُ: إِنْ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجٍ غَيْرِهِ رَجَعَتْ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ) وَهِيَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِي يَهْدِمُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ، فَأَوْلَى أَنْ يَهْدِمَ مَا دُونَهَا؛ وَلِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِي سَبَبٌ لِلْحِلِّ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْحِلُّ؛ لِأَنَّهُ فِي الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ غَايَةٌ لِلتَّحْرِيمِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ مُحَلِّلًا تَجَوُّزًا؛ وَلِأَنَّ الْحِلَّ إِنَّمَا يَثْبُتُ فِي مَحَلٍّ فِيهِ تَحْرِيمٌ، وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، وَهَاهُنَا هِيَ حَلَالٌ لَهُ، فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا حِلٌّ.

[إِنِ ارْتَجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ]

(وَإِنِ ارْتَجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ، فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ مَنْ أَصَابَهَا - رُدَّتْ إِلَيْهِ) وَحَاصِلُهُ: أَنَّ زَوْجَ الرَّجْعِيَّةِ إِذَا رَاجَعَهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ، صَحَّتِ الْمُرَاجَعَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إِلَى رِضَاهَا، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إِلَى عِلْمِهَا كَطَلَاقِهَا، فَإِذَا رَاجَعَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ، فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَأنَّ نِكَاحَ الثَّانِي فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ غَيْرِهِ، وَتُرَدُّ إِلَى الْأَوَّلِ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ؛ لِأَنَّهَا رَجْعَةٌ صَحِيحَةٌ، وَتَزَوَّجَتْ وَهِيَ زَوْجَةُ الْأَوَّلِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا (وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) مِنَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وُطِئَتْ فِي أَصْلِ نِكَاحِهِ (وَعَنْهُ: أَنَّهَا زَوْجَةُ الثَّانِي) إِنْ دَخَلَ بِهَا، وَيَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ.

رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقَدَ عَلَيْهَا، وَهِيَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا فِي الظَّاهِرِ، وَمَعَ الثَّانِي مِزْيَةٌ، وَجَوَابُهُ مَا سَبَقَ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلِ الثَّانِي بِهَا فَلَا مَهْرَ، وَإِنْ دَخَلَ فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّهَا تُرَدُّ إِلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَأَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِالرَّجْعَةِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، وَحُكْمُ الْعَالِمِ كَالزَّانِي فِي الْحَدِّ وَغَيْرِهِ.

(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِرَجْعَتِهَا لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ) ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمُ» الْخَبَرَ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ، فَإِذَا اعْتَرَفَا لَهُ بِهَا كَانَ كَإِقَامَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>