وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَضْمَنُ، وَإِنْ أَوْدَعَ عَبْدًا وَدِيعَةً؛ فَأَتْلَفَهَا، ضَمِنَهَا فِي رَقَبَتِهِ.
فَصْلٌ وَالْمُودَعُ أَمِينٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ رَدٍّ وَتَلَفٍ وَإِذْنِ دَفْعِهَا إِلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَيْهَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا اسْتَحْفَظَهُ إِيَّاهَا (وَإِنْ أَوْدَعَ عَبْدًا وَدِيعَةً فَأَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا فِي رَقَبَتِهِ) لِأَنَّ الْعَبْدَ مُكَلَّفٌ، فَصَحَّ اسْتِحْفَاظُهُ، وَبِهِ تَحْصُلُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّبِيِّ، وَكَوْنُهَا فِي رَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّ إِتْلَافَهُ مِنْ جِنَايَتِهِ، وَحُكِيَ فِي " النِّهَايَةِ " أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ: فِيهِ وَجْهَانِ كَوَدِيعَةِ الصَّبِيِّ إِذَا أَتْلَفَهَا، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَضْمَنُ الصَّبِيُّ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَضْمَنُ كَانَتْ فِي رَقَبَتِهِ. ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ " النِّهَايَةِ " وَالصَّحِيحُ الْفَرْقُ.
[فَصْلُ وَالْمُودَعُ أَمِينٌ]
ٌ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا أَمَانَةً بِقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ رَدٍّ) مَعَ يَمِينِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي قَبْضِهَا، فَقُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ دَفَعَهَا إِلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إِقَامَتُهَا، وَعَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ عَلَى يَدِ عَبْدِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ، أَوْ خَازِنِهِ (وَتَلَفٍ) . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ إِذَا أَحْرَزَ الْوَدِيعَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهَا ضَاعَتْ، قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، قَالَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: يُصَدَّقُ فِي تَلَفِهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَالْمَذْهَبُ إِنِ ادَّعَاهُ بِأَمْرٍ خَفِيٍّ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ كَحَرِيقٍ، فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِوُجُودِ السَّبَبِ وَلَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ.
كُلُّ مَالٍ تَلِفَ فِي يَدِ أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَا ضَمَانَ فِيهِ، إِلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إِذَا اسْتَسْلَفَ السُّلْطَانُ لِلْمَسَاكِينِ زَكَاةً قَبْلَ حَوْلِهَا فَتَلِفَتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا لِلْمَسَاكِينِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ الشَّافِعِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute