أَوْدَعَهُ بَهِيمَةً فَلَمْ يَعْلِفْهَا حَتَّى مَاتَتْ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يَنْهَاهُ الْمَالِكُ عَنْ عَلَفِهَا.
فَإِنْ قَالَ: اتْرُكِ الْوَدِيعَةَ فِي جَيْبِكَ فَتَرَكَهَا فِي كُمِّهِ ضَمِنَ، وَإِنْ قَالَ: اتْرُكْهَا فِي كُمِّكَ فَتَرَكَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ تَرَكَهَا فِي يَدِهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ.
وَإِنْ دَفَعَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَلْ هُوَ الْحِفْظُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي عَلْفَهَا وَسَقْيَهَا، فَكَأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ عُرِفًا، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ كَغَيْرِ الْوَدِيعَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ عَلْفُهَا، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ (إِلَّا أَنْ يَنْهَاهُ الْمَالِكُ عَنْ عَلْفِهَا) لِأَنَّ مَالِكَهَا أَذِنَ فِي إِتْلَافِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِقَتْلِهَا، لَكِنْ إِذَا نَهَاهُ عَنْ عَلْفِهَا فَتَرَكَهُ، أَثِمَ لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ، فَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ لَزِمَهُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ بِقَبُولِهِ، وَيُعْتَبَرُ حَاكِمٌ، وَفِي " الْمُنْتَخَبِ " لَا.
فَرْعٌ: إِذَا عَلَفَ الدَّابَّةَ، أَوْ سَقَاهَا فِي دَارِهِ أَوْ غَيْرِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ غُلَامِهِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا، وَالْحُكْمُ فِي النَّفَقَةِ وَالرُّجُوعِ كَالْحُكْمِ فِي نَفَقَةِ الْبَهِيمَةِ الْمَرْهُونَةِ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ مِثْلُهَا.
[قَالَ اتْرُكِ الْوَدِيعَةَ فِي جَيْبِكَ فَتَرَكَهَا فِي كُمِّهِ فَهَلَكَتْ]
(فَإِنْ قَالَ: اتْرُكِ الْوَدِيعَةَ فِي جَيْبِكَ، فَتَرَكَهَا فِي كُمِّهِ) أَوْ يَدِهِ (ضَمِنَ) لِأَنَّ الْجَيْبَ أَحْرَزُ، وَرُبَّمَا نَسِيَ فَسَقَطَ مِنْهُ (وَإِنْ قَالَ: اتْرُكْهَا فِي كُمِّكَ) أَوْ يَدِكَ (فَتَرَكَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ أَحْرَزُ (وَإِنْ تَرَكَهَا فِي يَدِهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي " الْفُرُوعِ " أَظْهَرُهُمَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ يَسْقُطُ مِنْهَا الشَّيْءُ بِالنِّسْيَانِ بِخِلَافِ الْكُمِّ، وَالثَّانِي: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ مِنَ الْكُمِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْبَطُّ، وَكَذَا الْخِلَافُ إِذَا عَيَّنَ يَدَهُ، فَتَرَكَهَا فِي كُمِّهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: الْيَدُ أَحْرَزُ عِنْدَ الْمُغَالَبَةِ، وَالْكُمُّ أَحْرَزُ عِنْدَ غَيْرِهَا، فَإِنْ تَرَكَهَا فِي يَدِهِ عِنْدَ الْمُغَالَبَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا، وَإِلَّا ضَمِنَهَا لِنَقْلِهَا إِلَى أَدْنَى مِمَّا أُمِرَ بِهِ، فَإِنْ أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا مُطْلَقًا فَتَرَكَهَا فِي جَيْبِهِ، أَوْ يَدِهِ، أَوْ شَدَّهَا فِي كُمِّهِ، أَوْ عَضُدِهِ، وَقِيلَ: مِنْ جَانِبِ الْجَيْبِ، أَوْ تَرَكَ فِي كُمَّهِ ثَقِيلًا بِغَيْرِ شَدٍّ، أَوْ تَرَكَهَا فِي وَسَطِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَفِي " الْفُصُولِ " إِنْ تَرَكَهَا فِي رَأْسِهِ، أَوْ غَرَزَهَا فِي عِمَامَتِهِ، أَوْ تَحْتَ قَلَنْسُوَتِهِ احْتُمِلَ أَنَّهُ أَحْرَزُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute