للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآخَرِ يَجُوزُ لَهُ تَحْرِيرُ الدَّعْوَى لَهُ إِذَا لَمْ يُحْسِنُ تَحْرِيرَهَا. وَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ إِلَى خَصْمِهِ لِيُنْظِرَهُ، أَوْ لِيَضَعَ عَنْهُ، أَوْ يَزِنَ عَنْهُ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَحَوَّلْ عَنَّا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا تُضَيِّفُوا أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ» . وَفِي الْكَافِي: لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ. (وَلَا يُعَلِّمُهُ كَيْفَ يَدَّعِي فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِمَا فِيهِ مِنِ الْإِعَانَةِ عَلَى خَصْمِهِ وَكَسْرِ قَلْبِهِ (وَفِي الْآخَرِ: يَجُوزُ لَهُ تَحْرِيرُ الدَّعْوَى لَهُ إِذَا لَمْ يُحْسِنُ تَحْرِيرَهَا) لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى خَصْمِهِ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ فِي تَرْكِ تَعْلِيمِهِ تَسَبُّبًا إِلَى تَأْخِيرِ حَقِّهِ، وَعَدَمِ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَرِيمِهِ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُسَوِّي بَيْنَ خَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسِهِ، وَلِحْظِهِ وَلَفْظِهِ، وَلَوْ ذِمِّيًّا فِي وَجْهٍ.

فَرْعٌ: مَا لَزِمَ ذِكْرُهُ فِي الدَّعْوَى مِنْ شَرْطٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا إِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَسْأَلُ عَنْهُ لِيَذْكُرَهُ وَيُحَرِّرَهُ، ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا. (وَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ إِلَى خَصْمِهِ لِيُنْظِرَهُ، أَوْ يَضَعَ عَنْهُ، أَوْ يَزِنَ عَنْهُ) كَذَا فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ مُعَاذًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَلَّمَهُ لِيُكَلِّمَ غُرَمَاءَهُ، فَلَوْ تَرَكُوا الْأَخْذَ لَتَرَكُوا لِمُعَاذٍ لِأَجْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» -. مُرْسَلٌ جَيِّدٌ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ «أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قُمْ فَاعْطِهِ» . قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حُكْمٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: يَحْتَمِلُ مَنْعَ وَزْنِهِ عَنْهُ. وَفِي سُؤَالِ الْوَضْعِ عَنْهُ رِوَايَةٌ، ذَكَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ.

فَرْعٌ: إِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا رَدَّ عَلَيْهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَصْبِرُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِمَا مَعًا إِلَّا أَنْ يَتَمَادَى عُرْفًا. وَقِيلَ: يُكْرَهُ قِيَامُهُ لَهُمَا. نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: سُنَّةُ الْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ.

[إِحْضَارُ الْقَاضِي الْفُقَهَاءَ فِي مَجْلِسِهِ]

(وَيَنْبَغِي) أَيْ: يُسَنُّ (أَنْ يَحْضُرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>