للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا، وَتَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ فِيمَنْ قَالَ: آجَرْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ بِثُلُثِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَنَّهُ يَصِحُّ، وَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَالَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قُلْنَا لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: «كُنَّا أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ حَقْلًا، فَكُنَّا نُكْرَيِ الْأَرْضَ عَلَى أَنَّ لَنَا هَذِهِ وَلَهُمْ هَذِهِ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ هَذِهِ، فَنَهَانَا عَنْهُ، فَأَمَّا الْوَرَقُ فَلَمْ يَنْهَنَا» ، وَرُجُوعُ ابْنِ عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ الْفَاسِدَةِ مَعَ أَنَّ فِيهِ اضْطِرَابًا، قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ حَدِيثِ رَافِعٍ، فَقَالَ: يُرْوَى فِيهِ ضُرُوبٌ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ.

[مَا تَصِحُّ بِهِ الْمُسَاقَاةُ]

(وَتَصِحُّ) مِنْ كُلِّ جَائِزِ التَّصَرُّفِ (بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ) لِأَنَّهَا مَوْضُوعُهَا حَقِيقَةً (وَالْمُعَامَلَةِ) لِقَوْلِهِ: عَامَلَ ِأَهْلِ خَيْبَرَ (وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا) كَفَالَحْتُكَ، وَاعْمَلْ فِي بُسْتَانِي هَذَا حَتَّى تُكْمِلَ ثَمَرَتَهُ ; لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَعْنَى، فَإِذَا أَتَى بِلَفْظٍ دَالٍّ عَلَيْهِ صَحَّ كَالْبَيْعِ (وَتَصِحُّ) هِيَ وَمُزَارَعَةٌ (بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ مُؤَدٍّ لِلْمَعْنَى، فَصَحَّ بِهِ الْعَقْدُ كَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي لَا، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ; لِأَنَّ الْإِجَارَةَ يُشْتَرَطُ لَهَا مَا لَا يُشْتَرَطُ لِلْمُسَاقَاةِ، وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي اللُّزُومِ وَالْجَوَازِ، فَلَمْ تَصِحَّ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ كَمَا لَا تَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ (وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ فِيمَنْ قَالَ: آجَرْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ بِثُلُثِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَنَّهُ يَصِحُّ، وَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ) فَعَبَّرَ بِالْإِجَارَةِ عَنِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ كَمَا يُعَبَّرُ عَنِ الشُّجَاعِ بِالْأَسَدِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ نَهْيُهُ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِثُلُثِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إِلَى الْإِجَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ لَا الْمُزَارَعَةِ (وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا هِيَ إِجَارَةٌ) لِأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ بِلَفْظِهَا، فَتَكُونُ إِجَارَةً حَقِيقَةً، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ الْإِجَارَةِ، وَتَصِحُّ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهَا كَمَا تَصِحُّ بِالدَّرَاهِمِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُؤَلِّفُ، وَقِيلَ: تُكْرَهُ، وَإِنْ صَحَّ إِجَارَةً، أَوْ مُزَارَعَةً، فَلَمْ يَزْرَعْ نَظَرَ إِلَى مُعَدَّلِ الْمُغِلِّ، فَيَجِبُ الْقِسْطُ الْمُسَمَّى فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>