للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

افْتَرَقْنَا، فَهَرَبَ مِنْهُ، حَنِثَ، وَقُدِّرَ الْفِرَاقُ مَا عَدَّهُ النَّاسُ فِرَاقًا، كَفُرْقَةِ الْبَيْعِ.

بَابُ النَّذْرِ وَهُوَ: أَنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ تَعَالَى شَيْئًا وَلَا يَصْحُ إِلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

حَنِثَ، وَكَذَا إِنْ أَحَالَهُ بِهِ، فَقَبِلَ وَانْصَرَفَ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ بَرَّ، فَوَجْهَانِ، وَإِنْ فَارَقَهُ عَنْ كَفِيلٍ، أَوْ رَهْنٍ، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، حَنِثَ، وَإِنْ وَجَدَهَا مُسْتَحِقُّهَا وَأَخَذَهَا، خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي النَّاسِي.

فَرْعٌ: إِذَا حَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَلَّا يُعْطِيَهُ شَيْئًا، فَوَفَّاهُ عَنْهُ غَيْرُهُ بِلَا إِذْنِهِ، فَلَا حِنْثَ، وَإِنْ حَلَفَ: لَا فَارَقْتُكَ حَتَّى آخُذَ حَقِّي، فَفَرَّ الْغَرِيمُ، حَنِثَ الْحَالِفُ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَوَجْهَانِ، وَإِنْ فَرَّ الْحَالِفُ، فَلَا، عَلَى الْأَشْهَرِ.

(وَإِنْ حَلَفَ: لَا افْتَرَقْنَا، فَهَرَبَ مِنْهُ، حَنِثَ) لِأَنَّ يَمِينَهُ تَقْتَضِي أَلَّا تَحْصُلَ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ بِوَجْهٍ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَقَدْ حَصَلَتْ، وَإِنْ حَلَفَ لَا أَخَذْتَ حَقَّكَ مِنِّي، فَأُكْرِهَ عَلَى دَفْعِهِ حَنِثَ، وَإِنْ وَضَعَهُ الْحَالِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ فِي حِجْرِهِ، فَلَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ لَا يُضَمَّنُ بِمِثْلِ هَذَا مَالٌ وَلَا صَيْدٌ، وَيَحْنَثُ لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ: لَا أُعْطِيكَ، لِأَنَّهُ يُعَدُّ عَطَاءً، إِذْ هُوَ تَمْكِينٌ وَتَسْلِيمٌ بِحَقٍّ، فَهُوَ كَتَسْلِيمِ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ وَأُجْرَةٍ وَزَكَاةٍ، وَإِنْ أَخَذَهُ حَاكِمٌ فَدَفَعَهُ إِلَى الْغَرِيمِ وَأَخَذَهُ حَنِثَ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ: لَا تَأْخُذُ حَقَّكَ عَلَيَّ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا، كَقَوْلِهِ: وَلَا أُعْطِيكَهُ. (وَقُدِّرَ الْفِرَاقُ مَا عَدَّهُ النَّاسُ فِرَاقًا كَفُرْقَةِ الْبَيْعِ) لِأَنَّ الشَّرْعَ رَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ أَحْكَامًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَهُ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِ إِلَى الْعَادَةِ، كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ

[بَابُ النَّذْرِ]

[تَعْرِيفُ النذر وَدَلِيلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ]

بَابُ النَّذْرِ

يُقَالُ: نَذَرْتُ أَنْذُرُ ـ بِكَسْرِ الذَّالِ وَضَمِّهَا ـ نَذْرًا، فَأَنَا نَاذِرٌ، أَيْ: أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا تَبَرُّعًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ بَعْدَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: ٧] ، {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: ٢٩] ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَيَتَعَيَّنُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>