للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ مَضَتْ فِي سَفَرِهَا، وَإِنْ لَمْ تَخْشَ، وَهِيَ فِي بَلَدِهَا، أَوْ قَرِيبَةٌ يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ، أَقَامَتْ لِتَقْضِيَ الْعِدَّةَ فِي مَنْزِلِهَا وَإِلَّا مَضَتْ فِي سَفَرِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحْرَمَتْ، أَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ لَمْ يَخْشَ الْفَوَاتَ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَحْرَمَتْ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ لَزِمَهَا الْمُضِيُّ فِيهِ، وَذَكَرَهُ فِي " التَّبْصِرَةِ " عَنْ أَصْحَابِنَا، وَلِأَنَّهُمَا عِبَادَتَانِ اسْتَوَتَا فِي الْوُجُوبِ وَضِيِقِ الْوَقْتِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَسْبَقِ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ سَبَقَتِ الْعِدَّةُ، وَلِأَنَّ الْحَجَّ آكَدُ ; لِأَنَّهُ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَالْمَشَقَّةُ بِتَفْوِيتِهِ تَعْظُمُ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " هَلْ تُقَدَّمُ مع القرب الْعِدَّةُ، أَوْ أَسْبَقُهُمَا؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ أَمْكَنَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " تُخَيَّرُ مَعَ الْبُعْدِ وَتُتِمُّ تَتِمَّةَ الْعِدَّةِ فِي مَنْزِلِهَا إِنْ عَادَتْ بَعْدَ الْحَجِّ، وَتَتَحَلَّلُ لِفَوْتِهِ بِعُمْرَةٍ، وَإِنْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَخَشِيَتْ فَوَاتَهُ فَاحْتِمَالَانِ (وَإِنْ لَمْ تَخْشَ، وَهِيَ فِي بَلَدِهَا، أَوْ قَرِيبَةٌ يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ، أَقَامَتْ لِتَقْضِيَ الْعِدَّةَ فِي مَنْزِلِهَا) لِأَنَّهُ أَمْكَنَهَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرِ الرُّجُوعِ، فَلَمْ يَجُزْ إِسْقَاطُ أَحَدِهِمَا (وَإِلَّا مَضَتْ فِي سَفَرِهَا) أَيْ: إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي بَلَدِهَا، وَلَا قَرِيبَةً مِنْهُ ; لِأَنَّ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهَا مَشَقَّةً وَحَرَجًا، وَهُوَ مُنْتَفٍ شَرْعًا (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحْرَمَتْ، أَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ لَمْ يَخْشَ الْفَوَاتَ) لِأَنَّ الْعِدَّةَ سَابِقَةٌ عَلَى الْإِحْرَامِ، وَالسَّابِقُ هُوَ الْمُقَدَّمُ.

فَرْعٌ: لَا سُكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا إِذَا كَانَتْ حَائِلًا رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَرِوَايَتَانِ ; لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لَهَا ثُمُنَ التَّرِكَةِ، أَوْ رُبُعَهَا وَجَعَلَ بَاقِيهًا لِلْوَرَثَةِ، وَالْمَسْكَنُ مِنَ التَّرِكَةِ فَوَجَبَ أَلَّا تَسْتَحِقَّ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا، وَقُلْنَا لَهَا السُّكْنَى فَلِأَنَّهَا حَامِلٌ مِنْ زَوْجِهَا قِيَاسًا عَلَى الْمُطَلَّقَةِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا سُكْنَى لَهَا فَتَبَرَّعَ الْوَارِثُ، أَوْ غَيْرُهُ بِسُكْنَاهَا لَزِمَهَا السُّكْنَى بِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَهَا السُّكْنَى ضَرَبَتْ بِقَدْرِ أُجْرَتِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَالْحَامِلُ تَضْرِبُ بِأَقَلِّ مُدَّتِهِ، وَإِنْ رَجَعَتْ فَلَهُ دُونَ الْفَضْلِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ وَضَعَتْ لِأَكْثَرِهَا رَجَعَتْ عَلَيْهِمْ بِالنَّقْصِ

[الْمَبْتُوتَةُ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي مَنْزِلِهِ]

(وَأَمَّا الْمَبْتُوتَةُ) مُطْلَقًا (فَلَا تُجِبْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي مَنْزِلِهِ) لِمَا «رَوَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِشَيْءٍ فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ، وَلَا سُكْنَى وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ عِنْدَ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>