فَصْلٌ وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا إِلَّا مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ شَجَرِهَا لِلرَّحْلِ وَالْعَارِضَةِ وَالْقَائِمَةِ وَمِنْ حَشِيشِهَا لِلْعَلَفِ، وَمَنْ أَدْخَلَ إِلَيْهَا صَيْدًا، فَلَهُ إِمْسَاكُهُ وَذَبْحُهُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[يَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا]
فَصْلٌ (وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ (وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا) لِمَا رَوَى أَنَسٌ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ: «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» وَعَنْ سَعْدٍ مَرْفُوعًا: «إِنِّي أُحْرِمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهُهَا أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: تَحْرِيمُ صَيْدِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ فَلِعَدَمِ تَأْثِيرِ هَذِهِ الْحُرْمَةِ فِي زَوَالِ مِلْكِ الصَّيْدِ، نَصَّ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الصِّحَّةِ احْتِمَالَيْنِ (إِلَّا مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ شَجَرِهَا لِلرَّحْلِ) أَيْ: رَحْلِ الْبَعِيرِ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنَ الْقَتْبِ، (وَالْعَارِضَةِ) أَيْ: مَا يُسْقَفُ بِهِ الْمَحْمَلُ، (وَالْقَائِمَةِ) إِحْدَى قَائِمَتَيِ الرَّحْلِ اللَّتَيْنِ فِي مُقَدَّمِهِ، وَمُؤَخَّرِهِ، لِقَوْلِ جَابِرٍ: «إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَرَّمَ الْمَدِينَةَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَصْحَابُ عَمَلٍ وَأَصْحَابُ نَضْحٍ، وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَرْضًا غَيْرَ أَرْضِنَا فَرَخِّصْ لَنَا، فَقَالَ: " الْقَائِمَتَانِ وَالْوِسَادَةُ وَالْعَارِضَةُ وَالْمَسَدُ فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يُعَضَّدُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.» الْمَسَدُ: هُوَ عُودُ الْبَكَرَةِ فَاسْتَثْنَى الشَّارِعُ ذَلِكَ، وَجَعَلَهُ مُبَاحًا كَاسْتِثْنَاءِ الْإِذْخِرِ بِمَكَّةَ، (وَمِنْ حَشِيشِهَا لِلْعَلَفِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَلَا يَصْلُحُ أَنْ تُقْطَعَ فِيهَا شَجَرَةٌ إِلَّا أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ بِقُرْبِهَا فَالْمَنْعُ مِنْهُ ضَرَرٌ بِخِلَافِ مَكَّةَ، (وَمَنْ أَدْخَلَ إِلَيْهَا صَيْدًا فَلَهُ إِمْسَاكُهُ وَذَبْحُهُ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، «لِقَوْلِ أَنَسٍ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ قَالَ: أَحْسَبُهُ فَطِيمًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النَّغِيرُ لِنُغَرٍ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ» . مُتَّفَقٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute