هَذِهِ الْمَرْأَةُ، لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ قَتَلَ الْوَصِيُّ الْمُوصِي، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ جَرَحَهُ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ، فَمَاتَ مِنَ الْجُرْحِ، لَمْ تَبْطُلِ الْوَصِيَّةُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ وَصَّى لِصِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ، أَوْ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَثْبُتُ لَهُ الْوَصِيَّةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ.
[لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِمَعْدُومٍ]
(وَإِنْ وَصَّى لِمَنْ تَحْمِلُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ لَمْ تَصِحَّ) فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ، فَلَا تَصِحُّ لِلْمَعْدُومِ، بِخِلَافِ الْمُوصَى بِهِ، فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ وَجُودُهُ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُجْرِيَتْ مُجْرَى الْمِيرَاثِ، وَقِيلَ: تَصِحُّ كَمَا تَصِحُّ بِمَا تَحْمِلُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ، وَكَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَحْدُثُ مِنْ وَلَدِهِ، أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ، وَرُدَّ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْمِيرَاثِ، وَلَا تَحْصُلُ إِلَّا لِمَوْجُودٍ، وَالْوَقْفُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ إِثْبَاتُهُ لِلْمَعْدُومِ. (وَلَوْ قَتَلَ الْوَصِيُّ الْمُوصِي) وَلَوْ خَطَأً (بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ) قَالَهُ الثَّوْرِيُّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ الَّذِي هُوَ آكَدُ مِنْهَا، فَالْوَصِيَّةُ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ عُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لَهُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ: مَنْ جَرَحَ رَجُلًا خَطَأً، فَعَفَا الْمَجْرُوحُ، فَقَالَ: يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَهُ تَصِحُّ، فَكَذَا الْوَصِيَّةُ، (وَإِنْ جَرَحَهُ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ، فَمَاتَ مِنَ الْجُرْحِ، لَمْ تَبْطُلْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْجُرْحِ صَدَرَتْ مِنْ أَهْلِهَا فِي مَحَلِّهَا، لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا، بِخِلَافِ مَا إِذَا تَقَدَّمَتْ فَإِنَّ الْقَتْلَ طَرَأَ عَلَيْهَا فَأَبْطَلَهَا، فَيَبْطُلُ مَا هُوَ آكَدُ مِنْهَا، وَلِهَذَا جَمَعَ أَبُو الْخَطَّابِ بَيْنَ نَصَّيِ الْأَمَامِ (وَقَالَ أَصْحَابُنَا: فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ رِوَايَتَانِ) إِحْدَاهُمَا: لَا تَصِحُّ سَوَاءٌ وَصَّى لَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ، أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا صَالِحًا لِلزُّهُوقِ، ثُمَّ وَصَّى لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ، فَبَطَلَتْ كَالْمِيرَاثِ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِعَقْدٍ فَضَاهَتِ الْهِبَةَ، وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ (وَإِنْ وَصَّى لِصِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ) كَالْفُقَرَاءِ (أَوْ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ، صَحَّ) لِأَنَّهُمْ مِنْ أَبْوَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute