للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحَّ، وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقَدْرَ الَّذِي يُعْطَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ وَإِنْ وَصَّى لِكَتْبِ الْقُرْآنِ أَوِ الْعِلْمِ أَوْ لِمَسْجِدٍ أَوْ لِفَرَسٍ حَبِيسٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ، صَحَّ، فَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ، رُدَّ الْمُوصَى بِهِ أَوْ بَاقِيهِ إِلَى الْوَرَثَةِ.

وَإِنْ وَصَّى فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ صَرَفَهُ فِي الْقُرْبِ، وَقِيلَ عَنْهُ:

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْبِرِّ، وَلِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ بِدَلِيلِ الزَّكَاةِ، وَالْوَقْفِ (وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقَدْرَ الَّذِي يُعْطَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ) لِأَنَّ الْمُطْلَقَ فِي كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ لِكُلِّ صِنْفٍ حَيْثُ أَوْصَى لِجَمِيعِهِمْ ثُمْنُ الْوَصِيَّةِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِثَمَانِ قَبَائِلَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ، أَنَّ آيَةَ الزَّكَاةِ أُرِيدَ بِهَا مَنْ يَجُوزُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ، وَالْوَصِيَّةُ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ مَنْ يَجِبُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ، انْتَهَى. وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى وَاحِدٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: يَتَقَيَّدُ بِثُلُثِهِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ، وَلَا يُصْرَفُ إِلَّا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ.

فَرْعٌ: إِذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ، وَبِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ وَلِجِيرَانِهِ، وَزَيْدٌ مِنْهُمْ، لَمْ يُشَارِكْهُمْ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ وَصَّى لِقَرَابَتِهِ بِشَيْءٍ وَلِلْفُقَرَاءِ كَذَلِكَ، فَلِقَرِيبٍ فَقِيرٍ سَهْمَانِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ حُكْمِ كُلِّ صُورَةٍ إِلَى الْأُخْرَى، قَالَ شَيْخُنَا: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ زَيْدًا يَتَعَيَّنُ، وَالْقَرَابَةُ لَفْظٌ عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ الْفُقَرَاءُ وَغَيْرُهُمْ، فَصَلَحَ كُلُّ مَنْ وَصَفَهُ سَبَبًا؛ لِاسْتِحْقَاقِهِ بِهِ، فَإِنَّهُ عَلَّقَ اسْتِحْقَاقَهُ بِوَصْفِهِ، وَهُوَ الْقَرَابَةُ، فَإِذَا كَانَ فِيهِ وَصْفَانِ صَارَ اسْتِحْقَاقُهُ بِهِمَا، بِخِلَافِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ عَلَّقَ اسْتِحْقَاقَهُ بِعَيْنِهِ، وَعَيْنُهُ تَتَعَدَّدُ.

(وَإِنْ وَصَّى لِكَتْبِ الْقُرْآنِ، أَوِ الْعِلْمِ، أَوِ الْمَسْجِدِ، أَوْ لِفَرَسٍ حَبِيسٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ صَحَّ) لِأَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ، فَصَحَّ بَذْلُ الْمَالِ فِيهِ كَالْوَصِيَّةِ لِلْفَقِيرِ، وَالْمُوصَى بِهِ لِلْمَسْجِدِ يصرف فِي مَصَالِحِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَيَصْرِفُهُ النَّاظِرُ إِلَى الْأَهَمِّ وَالْأَصْلَحِ بِاجْتِهَادِهِ، فَلَوْ قَالَ: إِنْ مُتُّ فَبَيْتِي لِلْمَسْجِدِ، أَوْ فَأَعْطُوهُ مَالَهُ مِنْ مَالِي - تُوَجَّهُ صِحَّتُهُ، وَلَوْ أَرَادَ تَمْلِيكَ الْفَرَسِ أَوِ الْمَسْجِدِ، لَمْ يَصِحَّ (فَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ رُدَّ الْمُوصَى بِهِ، أَوْ بَاقِيهِ) إِنْ كَانَ أُنْفِقَ بَعْضُهُ (إِلَى الْوَرَثَةِ) لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ مَحِلُّ الْوَصِيَّةِ، وَجَبَ الرَّدُّ إِلَى الْوَرَثَةِ، كَوَصِيَّتِهِ بِعِتْقِ عَبْدِ زَيْدٍ، فَتَعَذَّرَ، أَوْ شِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ، أَوْ عَبْدِ زَيْدٍ بِهَا فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِ، فَاشْتَرَوْهُ بِدُونِهَا، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ إِلَى فَرَسٍ آخَرَ حَبِيسٍ فِي الْمَنْصُوصِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>