للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٌ بِالْقَرْعَةِ، وَيُسْتَرَقُّ الْبَاقُونَ. .

وَيَجُوزُ عَقْدُ الْأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمَنِ، وَيُقِيمُونَ مُدَّةَ الْهُدْنَةِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يُقِيمُونَ سَنَةً إِلَّا بِجِزْيَةٍ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ، فَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ، أَوْ تَاجِرٌ، وَمَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ جَاسُوسًا، خُيِّرَ الْإِمَامُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ، أَوْ حَمَلَتْهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[جَوَازُ عَقْدِ الْأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمَنِ]

(وَيَجُوزُ عَقْدُ الْأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمَنِ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يُؤَمِّنُ رُسُلُ الْمُشْرِكِينَ، وَلَمَّا «جَاءَهُ رُسُلُ مُسَيْلِمَةَ قَالَ: لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَقَتَلْتُكُمْ»

وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ

، إِذْ لَوْ قُتِلَ، لَفَاتَتْ مَصْلَحَةُ الْمُرَاسَلَةِ. وَظَاهِرُهُ جَوَازُ عَقْدِ الْأَمَانِ لِكُلٍّ مِنْهَا مُطْلَقًا، وَمُقَيَّدًا بِمُدَّةٍ قَصِيرَةٍ، وَطَوِيلَةٍ بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ، فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ إِلَّا مُقَيَّدَةً؛ لِأَنَّ فِي جَوَازِهَا مُطْلَقًا تَرْكًا لِلْجِهَادِ. (وَيُقِيمُونَ مُدَّةَ الْهُدْنَةِ) أَيِ: الْأَمَانَ (بِغَيْرِ جِزْيَةٍ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ أُبِيحَ لَهُ الْإِقَامَةُ فِي دَارِنَا مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِ جِزْيَةٍ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَالنِّسَاءِ (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يُقِيمُونَ سَنَةً إِلَّا بِجِزْيَةٍ) . وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] .

وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَاهُ، أَيْ: يَلْتَزِمُونَهَا، وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْإِعْطَاءِ، وَلِأَنَّهَا تَخَصَّصَتْ بِمَا دُونَ الْحَوْلِ اتِّفَاقًا، فَيُقَاسُ عَلَى الْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ.

(وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ فَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ أَوْ تَاجِرٌ وَمَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ قُبِلَ مِنْهُ) لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ مُمْكِنٌ، فَيَكُونُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقَتْلِ، وَلِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُتَعَرَّضُ إِلَيْهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. أَمَّا الرَّسُولُ فَلِمَا سَبَقَ، وَأَمَّا التَّاجِرُ، فَلِأَنَّهُ إِذَا جَاءَ بِمَالِهِ، وَلَا سِلَاحَ مَعَهُ، دَلَّ عَلَى قَصْدِهِ الْأَمَانَ، وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِهِ، وَالْمَذْهَبُ اشْتَرَطَهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ مَجْرَى الشَّرْطِ. فَإِذَا انْتَفَتْ، وَدَخَلَ بِغَيْرِ أَمَانٍ، وَجَبَ بَقَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الْعِصْمَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ تِجَارَةٌ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِذَا قَالَ: جِئْتُ مُسْتَأْمَنًا، لِأَنَّهُ غَيْرُ صَادِقٍ. (وَإِنْ كَانَ جَاسُوسًا) وَهُوَ صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ، وَعَكْسُهُ النَّامُوسُ (خُيِّرَ الْإِمَامُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ) وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ قَصَدَ نِكَايَةَ الْمُسْلِمِينَ، فَخُيِّرَ الْإِمَامُ فِيهِ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. (وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ أَوْ حَمَلَتْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>