فَصْلٌ وَأَمَّا الشَّكُّ، فَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ، وَعَنْهُ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْقِيَامِ مِنْ تَرْكِ التَّشَهُّدِ، وَلَيْسَ مِثْلَهُ، لِأَنَّ التَّشَهُّدَ وَاجِبٌ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْوَاجِبَاتِ، لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي غَيْرِهَا، كَالتَّسْبِيحِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى فِي التَّشَهُّدِ لَا يَرْجِعُ إِمَّا جَزْمًا كَمَا فِي " الْمُغْنِي " أَوِ اسْتِحْبَابًا كَالْمَشْهُورِ، وَقِيَاسُ بَقِيَّةِ الْوَاجِبَاتِ مِثْلُهُ، قَالَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَغَيْرِهِ.
[الشَّكُّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ]
فَصْلٌ (وَأَمَّا الشَّكُّ:) هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِمَّا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ (فَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَكَطَهَارَةٍ، وَطَوَافٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا شُكَّ فِيهِ، وَكَمَا لَوْ شَكَّ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ، وَسَوَاءٌ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ لَا، قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ (وَعَنْهُ: يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ) نَقَلَهَا الْأَثْرَمُ، وَذَكَرَ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِلْبُخَارِيِّ: بَعْدَ التَّسْلِيمِ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «فَلْيَتَحَرَّ أَقْرَبَ ذَلِكَ إِلَى الصَّوَابِ» ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُهَا مَنْ يَعْرِضُ لَهُ أَوَّلًا، وَقَالَ: عَلَى هَذَا عَامَّةُ أُمُورِ الشَّرْعِ، وَأَنَّ مِثْلَهُ يُقَالُ فِي طَوَافٍ، وَسَعْيٍ، وَرَمْيِ جِمَارٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ (وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ، وَالْإِمَامَ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْكَافِي " و" الْوَجِيزِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute