فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ، وَعَلَيْهِ السُّجُودُ لِذَلِكَ كُلِّهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَذَكَرَ أَنَّهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ كَمَا لَوْ ذَكَرَهُ قَبْلَ الِاعْتِدَالِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِرُكْنٍ مَقْصُودٍ، لِأَنَّ الْقِيَامَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ، وَلِهَذَا جَازَ تَرْكُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَرْكَانِ، وَالْأَشْهَرُ يُكْرَهُ رُجُوعُهُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَعَنْهُ: يَمْضِي وُجُوبًا، صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ، فَلَمْ يَجُزِ الرُّجُوعُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ كَالْقِرَاءَةِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ، وَقَالَهُ النُّخَعِيُّ، وَيَتْبَعُهُ الْمَأْمُومُ (وَإِنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ) لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، وَلِأَنَّهُ شَرَعَ فِي رُكْنٍ مَقْصُودٍ، كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الرُّكُوعِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ إِذَا رَجَعَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا، وَكَذَا حَالُ الْمَأْمُومِينَ إِنْ تَبِعُوهُ، وَإِنْ سَبَّحُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْتَدِلَ فَلَمْ يَرْجِعْ تَشَهَّدُوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَتَبِعُوهُ، وَقِيلَ: بَلْ يُفَارِقُونَهُ، وَيُتِمُّونَ صَلَاتَهُمْ (وَعَلَيْهِ السُّجُودُ لِذَلِكَ كُلِّهِ) جَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» وَعَنْهُ: إِنْ كَثُرَ نُهُوضُهُ، وَإِنْ قَلَّ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَفِي " التَّلْخِيصِ " إِنْ بَلَغَ حَدَّ الرُّكُوعِ سَجَدَ، لِأَنَّهُ زَادَ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: إِذَا لَمْ يَعْتَدِلْ قَائِمًا فَلَا سُجُودَ، وَحَكَاهُ فِي " شَرْحِ الْمَذْهَبِ " عَنْ شَيْخِهِ لِخَبَرٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
مَسْأَلَةٌ: حُكْمُ تَرْكِ الذِّكْرِ فِيهِ كَتَرْكِهِمَا، فَلَوْ نَسِيَ تَسْبِيحَ رُكُوعٍ، فَذَكَرَهُ بَعْدَ زَوَالِهِ عَنْ حَدِّ الرُّكُوعِ حَتَّى انْتَصَبَ قَائِمًا، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَرْجِعُ جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " لِأَنَّهُ يَزِيدُ رُكُوعًا، وَيَأْتِي بِالتَّسْبِيحِ فِي رُكُوعٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ.
فَعَلَى هَذَا إِنْ رَجَعَ بَطَلَتْ لَا سَهْوًا، بَلْ يَسْجُدُ لَهُ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ مَسْبُوقٌ فِي هَذَا الرُّكُوعِ لَمْ يُدْرِكْهَا، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَذَكَرَهُ الْقَاضِي قِيَاسًا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute