يَتْبَعْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَيَتْبَعُ الْجَاهِلُ وَالْأَعْمَى أَوْثَقَهُمَا فِي نَفْسِهِ، وَإِذَا صَلَّى الْبَصِيرُ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَخَفِيَتْ عَلَيْهِ لَزِمَهُ قَوْلًا وَاحِدًا لِقِصَرِ زَمَنِهِ، وَيُقَلَّدُ لِضِيقِ الْوَقْتِ، لِأَنَّ الْقِبْلَةَ يَجُوزُ تَرْكُهَا لِلضَّرُورَةِ، وَهِيَ شِدَّةُ الْخَوْفِ، وَلَا يُعِيدُ، بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ، وَالْأَعْمَى يُقَلِّدُ فِيهِ، وَلَهُ الْعلم بِلَمْسِ مِحْرَابٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ قَلَّدَ غَيْرَهُ، ثُمَّ أَبْصَرَ فِي الصَّلَاةِ، وَفَرْضُهُ قَبُولُ الْخَبَرِ أَتَمَّهَا، وَكَذَا إِنْ كَانَ فَرْضُهُ الِاجْتِهَادَ، وَرَأَى مَا يَدُلُّ عَلَى صَوَابِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرَ شَيْئًا، أَوْ كَانَ قَلَّدَ غَيْرَهُ لِعَمَاهُ بَطَلَتْ فِي الْأَشْهَرِ، وَمَنْ صَلَّى بِاجْتِهَادٍ أَوْ بِيَقِينٍ، ثُمَّ عَمِيَ فِيهَا، بَنَى فَقَطْ.
[إِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ]
(فَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ لَمْ يَتْبَعْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ) لِأَنَّ فَرْضَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يُؤَدِّي إِلَى اجْتِهَادِهِ، فَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُ، كَالْعَالِمَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي الْحَادِثَةِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اخْتِلَافِهِمَا فِي جِهَتَيْنِ أَوْ جِهَةٍ، وَالْأَوَّلُ: الْمَذْهَبُ، وَالثَّانِي: قُوَيْلٌ. وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، نُصَّ عَلَيْهِ، لِظَنِّهِ خَطَأَهُ بِإِجْمَاعٍ، وَذُكِرَ فِي " الْمُغْنِي " أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِي جِهَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ " لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَعْتَقِدُ صِحَّةَ صَلَاةِ الْآخَرِ، وَأَنَّ فَرْضَهُ التَّوَجُّهُ إِلَى مَا تَوَجَّهَ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَمْنَعِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، كَالْمُصَلِّينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ فَقَطْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَصِحُّ ائْتِمَامُهُ بِهِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ حَالَهُ، فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي جِهَةٍ، فَتَيَامَنَ أَحَدُهُمَا أَوْ تَيَاسَرَ الْآخَرُ، وَفِي صِحَّةِ اقْتِدَاءِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَجْهَانِ، ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي، وَذَكَرَ فِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْجِهَةِ الْوَاجِبِ اسْتِقْبَالُهَا، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ كَالْحَاكِمِ لَيْسَ لَهُ تَقْلِيدُهُ غَيْرَهُ، وَكَمَا لَوْ كَانَ مُتَّسَعًا، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَهُوَ الَّذِي فِي " التَّلْخِيصِ " وَذَكَرَهُ الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ هُوَ فِي مَدِينَةٍ فَتَحَرَّى فَصَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي بَيْتٍ بَعِيدٍ، لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ، وَرَدَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ الْمَنْعُ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي الْمِصْرِ، لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّوَصُّلُ بِطَرِيقِ الْخَبَرِ عَنْ يَقِينٍ، فَإِنِ اتَّفَقَ اجْتِهَادُهُمَا فَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، فَمَنْ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ انْحَرَفَ وَأَتَمَّ، وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ لِلْعُذْرِ وَيُتِمُّ، وَيَتْبَعُهُ مَنْ قَلَّدَهُ فِي الْأَصَحِّ.
١ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute