فصل
وَإِنْ تَحَاكَمَ رَجُلَانِ إِلَى رَجُلٍ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، فَحَكَّمَاهُ بَيْنَهُمَا، نَفَذَ حُكْمُهُ فِي الْمَالِ، والْقِصَاصِ وَالْحَدِّ وَالنِّكَاحِ وَاللِّعَانِ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. ذَكَرَهُ أَبُو
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِتْيَانُهُ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَيَجُوزُ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الظَّنُّ، وَإِثْبَاتُهُ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ، وَالِاجْتِهَادُ فِيهِ، وَلَا اجْتِهَادَ فِي الْقَطْعِيَّاتِ، وَلَا الْإِجْمَاعِ الظَّنِّيِّ، وَإِنْ نَهَاهُ فِي مَسْأَلَةٍ عَنِ الْحُكْمِ فِيهَا، فَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
[إِنْ تَحَاكَمَ رَجُلَانِ إِلَى رَجُلٍ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ]
فَصْلٌ
(وَإِنْ تَحَاكَمَ رَجُلَانِ إِلَى رَجُلٍ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ فَحَكَّمَاهُ بَيْنَهُمَا نَفَذَ حُكْمُهُ) لِمَا رَوَى أَبُو شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قُومِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ، فَرَضِيَ عَلَيَّ الْفَرِيقَانِ. فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَحَاكَمَا إِلَيْهِ وَارْتَضَيَا بِهِ، فَلَمْ يَقُلْ بَيْنَهُمَا الْحَقَّ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» . رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ. وَلَوْلَا أَنَّ حُكْمَهُ يَلْزَمُهُمَا لَمَا لَحِقَهُ هَذَا الذَّمُّ لِأَنَّ عُمَرَ وَأُبَيًّا تَحَاكَمَا إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَتَحَاكَمَ عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ إِلَى جُبَيْرٍ. لَا يُقَالُ: إِنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَا إِمَامَيْنِ فَيَصِيرُ حَاكِمًا مَنْ رَدَّ الْحُكْمَ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمَا أَكْثَرُ مِنَ الرِّضَى بِحُكْمِهِ خَاصَّةً، وَذَلِكَ لَا يَصِيرُ الْحُكْمُ إِلَيْهِ قَاضِيًا وَهُوَ حِينَئِذٍ كَحَاكِمِ الْإِمَامِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمِهِ إِلَّا فِيمَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ غَيْرِهِ (فِي الْمَالِ وَالْقِصَاصِ وَالْحَدِّ) كَذَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ، وَقَيَّدَهُ فِي الْوَجِيزِ بِحَدِّ الْقَذْفِ خَاصَّةً (وَالنِّكَاحِ وَاللِّعَانِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عُمُومِ الْأَحَادِيثِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: يَنْفُذُ فِي غَيْرِ فَرَجٍ، كَتَصَرُّفِهِ ضَرُورَةً فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ فِي غَيْرِ فَرَجٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute