. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
خَرِسَ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَلَمْ تُفْهَمْ إِشَارَتُهُ، أَوْ فَسَقَ، أَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِجُنُونٍ أَوْ سُكْرٍ مُحَرَّمٍ أَوْ إِغْمَاءٍ، أَوْ عَمِيَ انْعَزَلَ، وَيَلْزَمُ الْمُدَّعِي أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَفْرُغَ لَهُ الْحَاكِمُ مِنْ شُغْلِهِ، وَلَهُ مُلَازَمَةُ غَرِيمِهِ حَتَّى يَفْرُغَ إِنْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ حَاضِرَةً أَوْ قَرِيبَةً، وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً بَعِيدَةً فَوَجْهَانِ.
الثَّانِيَةُ: تَصِحُّ فُتْيَا مَسْتُورِ الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ قَرَابَةً، أَوْ أَخْرَسَ تُفْهَمُ إِشَارَتُهُ أَوْ كِتَابَتُهُ، أَوْ مَعَ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ، وَقِيلَ: وَعَدَاوَةٍ، وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُفْتِيَ. وَقِيلَ: لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ دُونَ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ، وَنَحْوِهِمَا.
الثَّالِثَةُ: يُحْرَمُ التَّسَاهُلُ فِي الْفُتْيَا وَاسْتِفْتَاءُ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ، فَإِنْ عُرِفَ مَا سُئِلَ عَنْهُ وَجَوَابُهُ، أَجَابَ سَرِيعًا. وَيُحْرَمُ أَنْ يَتْتَبَعَ الْحِيَلَ الْمُحَرَّمَةَ وَالْمَكْرُوهَةَ وَالتَّرَخُّصَ لِمَنْ أَرَادَ نَفْعَهُ، وَالتَّغْلِيظَ لِمَنْ أَرَادَ ضُرَّهُ، وَإِنْ حَسُنَ قَصْدُهُ فِي حِيلَةٍ لَا شُبَهَ فِيهَا، وَلَا مَفْسَدَةَ لِيَخْلُصَ بِهَا حَالِفًا مِنْ يَمِينِهِ، كَقِصَّةِ أَيُّوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَازَ. وَيَحْرُمُ التَّحَيُّلُ لِتَحْلِيلِ حَرَامٍ أَوْ تَحْرِيمِ حَلَالٍ بِلَا ضَرُورَةٍ.
الرَّابِعَةُ: يُمْنَعُ مِنَ الْفُتْيَا فِي حَالٍ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ فِيهَا فَإِنْ أَفْتَى وَأَصَابَ كُرِهَ وَصَحَّ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَلَهُ أَخْذُ رِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ أَنَّهُ يُفْتِي وَلَهُ كِفَايَةٌ فَوَجْهَانِ. وَإِنْ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِهَا وَبِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا يَقْطَعُهُ عَنْ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ، فَلَهُ أَخْذُهُ، فَإِنْ أَخَذَهُ لَمْ يَأْخُذْ عَلَى فُتْيَاهُ أُجْرَةً، وَمَعَ عَدَمِهِ لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ خَطِّهِ لَا فُتْيَاهُ. وَإِنْ جَعَلَ لَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ رِزْقًا لِيَتَفَرَّغَ لِفَتَاوِيهِمْ جَازَ. وَلَهُ قَبُولُ هَدِيَّةٍ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ إِنْ كَانَتْ لِيُفْتِيَهُ بِمَا يُرِيدُهُ دُونَ غَيْرِهِ أَوْ لِنَفْعِهِ بِجَاهِهِ أَوْ مَالِهِ.
وَيُقَدَّمُ الْأَعْلَمُ عَلَى الْأَوْرَعِ فِي الْأَصَحِّ، وَيَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ وَإِمْكَانُ تَوْلِيَةِ سِوَاهُ فِي الْأَقْيَسِ، وَلَا يَكْفِيهِ قَوْلُ مَنْ لَمْ تَسْكُنْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ مِنْهُمَا.
الْخَامِسَةُ: يَلْزَمُ كُلَّ مُقَلِّدٍ أَنْ يَلْتَزِمَ بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ فِي الْأَشْهَرِ، فَلَا يُقَلِّدَ غَيْرَ أَهْلِهِ، وَقِيلَ: بَلَى، وَقِيلَ: ضَرُورَةً، فَإِنِ الْتَزَمَ فِيمَا أَفْتَى بِهِ أَوْ عَمِلَ بِهِ أَوْ ظَنَّهُ حَقًّا أَوْ لَمْ يَجِدْ مُفْتِيًا لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وَإِلَّا فَلَا.
وَلَا تَجُوزُ الْفَتْوَى فِي عِلْمِ الْكَلَامِ بَلْ يُنْهَى السَّائِلُ عَنْهُ، وَالْعَامَّةُ أَوْلَى، وَيُؤْمَرُ الْكُلُّ بِالْإِيمَانِ الْمُجْمَلِ، وَمَا يَلِيقُ بِاللَّهِ - تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الْجَزْمُ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute