فَصْلٌ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ، وَلَا يَتَطَهَّرُ، وَلَا يَتَطَيَّبُ، فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ، لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ وَلَا يَلْبَسُ فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ، حَنِثَ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا هُوَ دَاخِلُهَا، فَأَقَامَ فِيهَا، حَنِثَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كُلُوا الزَّيْتَ» . وَلِأَنَّهُ يُسَمَّى أَكْلًا، وَيُؤْكَلُ فِي الْعَادَةِ كَذَلِكَ.
فَرْعٌ: إِذَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنَ الْكُوزِ، فَصَبَّ مِنْهُ فِي إِنَاءٍ، وَشَرِبَ لَمْ يَحْنَثْ، وَعَكْسُهُ إِنِ اغْتَرَفَ بِإِنَاءٍ مِنَ النَّهَرِ أَوِ الْبِئْرِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُحْتَمَلُ عَدَمُ حِنْثِهِ بِكَرْعِهِ مِنَ النَّهْرِ، لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ، كَحَلِفِهِ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَتَعَمَّمَ بِهِ.
[حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَطَهَّرُ وَلَا يَتَطَيَّبُ فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ]
فَصْلٌ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ، وَلَا يَتَطَهَّرُ، وَلَا يَتَطَيَّبُ، فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ) فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ لَا يُطْلَقِ اسْمُ الْفِعْلِ عَلَى مُسْتَدِيمِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، فَلَا يُقَالُ: تَزَوَّجْتُ شَهْرًا، وَلَا تَطَهَّرْتُ شَهْرًا، وَلَا تَطَيَّبْتُ شَهْرًا، وَإِنَّمَا يُقَالُ: مُنْذُ شَهْرٍ، وَلَمْ يُنْزِلِ الشَّارِعُ اسْتِدَامَةَ التَّزْوِيجِ وَالطِّيبِ مَنْزِلَةَ اسْتَدَامَتِهِ فِي تحريمه في الْإِحْرَامِ، (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ، وَلَا يَلْبَسُ) وَلَا يَقُومُ، وَلَا يَقْعُدُ، وَلَا يُسَافِرُ (فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ، حَنِثَ) وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، لِأَنَّ الْمُسْتَدِيمَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقَالُ: رَكِبَ شَهْرًا، وَلَبِسَ شَهْرًا، وَقَدِ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ هَذَا فِي الْإِحْرَامِ، حَيْثُ حَرَّمَ لُبْسَ الْمَخِيطِ، فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ بِاسْتِدَامَتِهِ، كَمَا أَوْجَبَهَا فِي ابْتِدَائِهِ، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: فِي اللُّبْسِ اسْتِدَامَةً حِنْثٌ إِنْ قَدَرَ عَلَى نَزْعِهِ، وَيُلْحَقُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا، وَعَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، أَوْ لَا يَطَأُ، فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، أَوْ لَا يُضَاجِعُهَا عَلَى فِرَاشٍ فَضَاجَعَتْهُ وَدَامَ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمُضَاجَعَةَ تَقَعُ عَلَى الِاسْتِدَامَةِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: اضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ لَيْلَةً، قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ شِهَابٍ: الْخُرُوجُ وَالنَّزْعُ لَا يُسَمَّى سَكَنًا وَلَا لَبْسًا، وَالنَّزْعُ جِمَاعٌ، لِاشْتِمَالِهِ عَلَى إِيلَاجٍ وَإِخْرَاجٍ، فَهُوَ شَطْرُهُ، وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ لَا يَحْنَثُ بِالنَّزْعِ فِي الْحَالِ وِفَاقًا، وَكَذَا إِذَا حَلَفَ لَا يُمْسِكُ، ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ، أَوْ لَا يُشَارِكُهُ فَدَامَ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا هُوَ دَاخِلُهَا فَأَقَامَ فِيهَا، حَنِثَ عِنْدَ الْقَاضِي) لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ غَيْرَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute