للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْنَثُ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا، فَثَرَّدَ فِيهِ وَأَكَلَهُ: لَا يَحْنَثُ، فَيَخْرُجُ فِي كُلِّ مَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ فَشَرِبَهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ، وَجْهَانِ، وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يَعَيِّنْهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ، وَإِنْ ذَاقَ وَلَمْ يَبْلَعْهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَائِعًا، فَأَكَلَهُ بِالْخُبْزِ حَنِثَ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لَا يَحْنَثُ) هَذِهِ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ نَقَلَهَا مُهَنَّا، وَقَدَّمَهَا فِي الْمُحَرَّرِ، لِأَنَّ الْأَفْعَالَ أَنْوَاعٌ كَالْأَعْيَانِ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْأَنْوَاعِ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ، كَذَلِكَ الْأَفْعَالُ (فَيَخْرُجُ فِي كُلِّ مَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ فَشَرِبَهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ وَجْهَانِ) مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ (وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَمْ يَحْنَثْ) هَذَا رِوَايَةٌ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ تَغَيُّرَ صِفَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا يَنْفِي الْحِنْثَ، فَكَذَلِكَ تَغَيُّرُ صِفَةِ الْفِعْلِ، وَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ فَلَا حِنْثَ، لِأَنَّهُ لَمْ تَحْصُلِ الْمُخَالَفَةُ مِنْ جِهَةِ الِاسْمِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ التَّعْيِينِ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَيْسَ لِلتَّعْيِينِ أَثَرٌ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ، فَإِنَّ الْحِنْثَ فِي الْمُعَيَّنِ إِنَّمَا كَانَ لِتَنَاوُلِهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِجْرَاءِ مَعْنَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى التَّنَاوُلِ الْعَامِّ فِيهِمَا، وَهَذَا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ، وَعَدَمُ الْحِنْثِ مُعَلَّلٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلِ الْفِعْلَ الَّذِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَ غَيْرَهُ، وَهَذَا فِي الْمُعَيَّنِ كَهُوَ فِي الْمُطْلَقِ، لِعَدَمِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا.

فَرْعٌ: إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ، أَوْ لَا يَفْعَلُهُمَا، فَمَصَّ رُمَّانًا، أَوْ قَصَبَ سُكَّرٍ، فَرِوَايَتَانِ أَنَصُّهُمَا: لَا حِنْثَ، ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ، فَمَصَّ قَصَبَ السُّكَّرِ، أَوِ الرُّمَّانَ حَنِثَ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سُكَّرًا أَوْ لَا يَشْرَبُهُ، فَتَرَكَهُ فِي فِيهِ حَتَّى ذَابَ، وَابْتَلَعَهُ فَعَلَى الْخِلَافِ.

(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ) وَمَصِّهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} [البقرة: ٢٤٩] ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ طُعْمٌ (وَإِنْ ذَاقَ وَلَمْ يَبْلَعْهُ لَمْ يَحْنَثْ) فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّائِمَ لَا يُفْطِرُ بِهِ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَذُوقُهُ، حَنِثَ بِأَكْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ أَوْ ذَوْقِهِ، لِأَنَّهُ ذَوْقٌ وَزِيَادَةٌ، وَفِي الرِّعَايَةِ: حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: قَلْتُ فِيمَنْ لَا ذَوْقَ لَهُ نَظَرٌ.

(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَائِعًا فَأَكَلَهُ بِالْخُبْزِ حَنِثَ) «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -:

<<  <  ج: ص:  >  >>