للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجُلِ، فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا قَامَ آخَرَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمُوصِي فَحَلَفَا بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَلَقَدْ خَانَا وَكَتَمَا وَيَقْضِي لَهُمْ، وَعَنْهُ: تقبل شَهَادَة بَعْضِهم عَلَى بَعْضِ، والمذهب الْأَوَّلِ.

الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَحْفَظُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِدَقْوَقَا هَذِهِ، وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُشْهِدُهُ عَلَى وَصِيَّتِهِ، فَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَدِمَا الْكُوفَةَ فَأَتَيَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَأَخْبَرَاهُ وَقَدِمَا بِتَرِكَةٍ وَوَصِيَّةٍ، فَأَحْلَفَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ مَا خَانَا وَلَا كَتَمَا وَلَا كَذِبَا وَلَا بَدَّلَا وَلَا غَيَّرَا، وَأَنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ وَتَرِكَتُهُ، فَأَمْضَى شَهَادَتَهُمَا. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (فَإِنْ عُثِرَ) ، أَيْ: فَإِنِ اطَّلَعَ (عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا) فَعَلَا مَا أَوْجَبَ إِثْمًا، وَاسْتَوْجَبَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمَا لِمَنِ الْآثِمِينَ (قَامَ آخَرَانِ) أَيْ: شَاهِدَانِ آخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ، أَيِ: الْإِثْمُ، (مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمُوصِي) وَمَعْنَاهُ مِنَ الَّذِينَ جُنِيَ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ أَهْلُ الْمَيِّتِ وَعَشِيرَتُهُ.

وَفِي قِصَّةِ بُدَيْلٍ أَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَتْ خِيَانَةُ الرَّجُلَيْنِ حَلَفَ رَجُلَانِ مِنْ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ إِنَاءُ صَاحِبِهِمَا، وَأَنَّ شَهَادَتَهُمَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا (فَحَلَفَا بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَلَقَدْ خَانَا وَكَتَمَا) ، أَيْ: لَيَمِينُنَا أَحَقُّ بِالصَّوَابِ مِنْ يَمِينِ هَذَيْنِ الْخَائِنَيْنِ (وَيَقْضِي لَهُمْ) لِمَا سَلَفَ (وَعَنْهُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ) نَقَلَهَا حَنْبَلٌ.

لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَكَالْمُسْلِمِينَ (وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ) لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَدِلَّةِ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ دِينِهِ لَا تُقْبَلُ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ كَالْحَرْبِيِّ، وَالْخَبَرُ مَرْدُودٌ بِضَعْفِهِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُجَالِدٍ، وَلَوْ سَلِمَ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْيَمِينَ لِأَنَّهَا تُسَمَّى شَهَادَةً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: ٦] .

وَعَلَى الثَّانِيَةِ: أَجَازَهَا الْبَرْمَكِيُّ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ لِلْحَاجَةِ، وَهِيَ شَهَادَةُ الْبَنِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ إِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّ الْآخَرَ أَخُوهُ.

وَعَلَيْهَا تُعْتَبَرُ عَدَالَتُهُ فِي دِينِهِ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ فِيهَا.

وَاخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْكُفْرُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْأَشْهَرُ لَا.

[أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَحْفَظُ]

(الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>