إِذَا لَمْ يُوجَدُ غَيْرُهُمْ، وَحَضَرَ الْمُوصِيَ الْمَوْتُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَيُحَلِّفُهُمُ الْحَاكِمُ بَعْدَ الْعَصْرِ: لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا، وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى، وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ، وَإِنَّهَا لَوَصِيَّةُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الدَّارِيِّ، وَعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ، شَهِدَا بِوَصِيَّةِ سَهْمِي، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَضَى بِهِ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَضَى ابْنُ مَسْعُودٍ بِذَلِكَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَبِهَذَا قَالَ أَكَابِرُ الْمَاضِينَ.
وَحَمْلُ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ جَمَاعَةً؛ مِنْهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ قَالُوا: مِنْ غَيْرِ مِلَّتِكُمْ وَدِينِكُمْ، وَلِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا قَسَامَةَ عَلَيْهِمَا.
وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَى التَّحَمُّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَانَ فِيهِ، وَحَمْلُهَا عَلَى الْيَمِينِ غَيْرُ مَقْبُولٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} [المائدة: ١٠٦] ، وَلِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَى ذَوِي الْعَدْلِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُمَا شَاهِدَانِ، قَالَ أَحْمَدُ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، وَفِي الْمُحَرَّرِ: رِوَايَتَانِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ.
وَ (أَوْ) فِي قَوْله تَعَالَى: {أَوْ آخَرَانِ} [المائدة: ١٠٦] لَيْسَتْ لِلتَّخْيِيرِ، وَالْمَعْنَى: إِنْ لَمْ تَجِدُوا هَذَا، وَقِيلَ: وَالْمَعْنَى: بَلَى، (وَحَضَرَ الْمُوصِيَ الْمَوْتُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ) لِمَا سَبَقَ (وَيُحَلِّفُهُمُ الْحَاكِمُ) وُجُوبًا، وَقِيلَ: نَدْبًا (بَعْدَ الْعَصْرِ) لِخَبَرِ أَبِي مُوسَى، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: لِأَنَّهُ وَقْتٌ تُعَظِّمُهُ أَهْلُ الْأَدْيَانِ (لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا، وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى، وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ، وَأنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute