وَالذُّكُورِيَّةُ، وَاتِّفَاقُ الدِّينِ وَالْعَقْلِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ وَعَدَالَتُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِذَا كَانَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[مَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَلِيِّ]
(وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَلِيِّ الْحُرِّيَّةُ) فَلَا وِلَايَةَ لِعَبْدٍ، نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، وَفِي " الِانْتِصَارِ " وَجْهٌ: يَلِي عَلَى ابْنَتِهِ، ثُمَّ جَوَّزَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ ": هَلْ لِلْعَبْدِ وِلَايَةٌ عَلَى الْحُرَّةِ؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ (وَالذُّكُورِيَّةُ) فَلَا وِلَايَةَ لِامْرَأَةٍ ; لِعَدَمِ تَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا، وَقَدْ سَبَقَ، (وَاتِّفَاقُ الدِّينِ) وَمَعْنَاهُ: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا إِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ مُسْلِمَةً، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ ; إِذِ الْكَافِرُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ٧١] وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ لِإِجْمَاعِ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ، قَالَ أَحْمَدُ: بَلَغَنَا أَنَّ عَلِيًّا أَجَازَ نِكَاحَ أَخٍ، وَرَدَّ نِكَاحَ أَبٍ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، وَالْمُسْلِمُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى كَافِرَةٍ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] (وَالْعَقْلُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ ; لِأَنَّ الْوِلَايَةَ تَثْبُتُ نَظَرًا لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنِ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ لَا يُمْكِنُهُ النَّظَرُ، وَلَا يَلِي عَلَى نَفْسِهِ فَغَيْرُهُ - بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَسَوَاءٌ فِيهِ الصَّغِيرُ، وَمَنْ ذَهَبَ عقله بِجُنُونٍ، أَوْ كِبَرٍ كَالشَّيْخِ الْهَرَمِ، فَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَمَنْ يُجَنُّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَلَا تزول وِلَايَتُهُمَا عَلَى الْأَشْهَرِ ; لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ مُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ كَالنَّوْمِ ; وَلِذَلِكَ لَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَفِي " الْفُرُوعِ ": إِنْ جُنَّ أَحْيَانًا، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ نَقَصَ عَقْلُهُ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ أَحْرَمَ، انْتُظِرَ، نَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ فِي مَجْنُونٍ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ وَعَدَالَتُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ ; لِأَنَّ الْوِلَايَةَ يُعْتَبَرُ لَهَا كَمَالُ الْحَالِ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ قَاصِرٌ ; لِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَالثَّانِيَةُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَعَلَى هَذَا يُزَوِّجُ ابْنُ عَشْرٍ ; لِأَنَّهُ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ وَطَلَاقُهُ، فَتَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ كَالْبَالِغِ، وَعَنْهُ: اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَأَمَّا الْعَدَالَةُ، فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ - فِي رِوَايَةٍ - وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، فَعَلَيْهَا يُزَوِّجُ فَاسِقٌ ; لِأَنَّهُ يَلِي نِكَاحَ نَفْسِهِ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَالثَّانِيَةُ، وَهِيَ أَنَصُّهُمَا: تُشْتَرَطُ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَابْنُ حَامِدٍ، وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ; لِمَا رَوَى الشَّالَنْجِيُّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute