كَانَتْ لِامْرَأَةٍ، فَوَلِيُّهَا وَلِيُّ سَيِّدَتِهَا، وَلَا يُزَوِّجُهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا.
وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَلِيِّ الْحُرِّيَّةُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
حَتَّى الْآبِقَةُ (فَوَلِيُّهَا سَيِّدُهَا) إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنَافِعِهَا، فَكَانَ إِلَيْهِ كَإِجَارَتِهَا وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ فَاسِقًا، فَإِنْ كَانَ لَهَا سَيِّدَانِ لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِإِذْنِهَا (فَإِنْ كَانَتْ لِامْرَأَةٍ، فَوَلِيُّهَا وَلِيُّ سَيِّدَتِهَا) هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ مِنَ الرِّوَايَاتِ، صَحَّحَهُ الْقَاضِي، وَقَطَعَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوِلَايَةِ لَهَا ; لِأَنَّهَا مَالُهَا، وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ فِي حَقِّهَا لِانْتِفَاءِ عِبَارَتِهَا فِي النِّكَاحِ، وَحِينَئِذٍ تَثْبُتُ لِأَوْلِيَائِهَا، يُؤَيِّدُهُ مَا احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، وَلَا تُنْكِحُ مَنْ سِوَاهَا» وَرُوِيَ عَنْهُ مرفوعا بمعناه، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَالنَّهْيُ دَلِيلُ الْفَسَادِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ (وَلَا يُزَوِّجُهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا) أَيْ: شَرْطُهَا إِذْنُهَا لِوَلِيِّهَا ; لِأَنَّ الْأَمَةَ لَهَا، وَالتَّصَرُّفَ فِي مَالِ الرَّشِيدَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِإِذْنِهَا، فَإِنْ كَانَتْ سيدتها غير رَشِيدَة أَوْ لِغُلَامٍ أو مَجْنُونٍ، فَوَلِيُّهَا مَنْ يَلِي مَالَهُ ; لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي نَفْعِهَا كَإِجَارَتِهَا، وَيُعْتَبَرُ فِي إِذْنِهَا النُّطْقُ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا، قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ ; إِذِ الصُّمَاتُ إِنَّمَا اكْتُفِيَ بِهِ فِي تَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا لِحَيَائِهَا، وَهِيَ لَا تَسْتَحِي مِنْ تَزْوِيجِ أَمَتِهَا، وَعَنْهُ: أَيُّ رَجُلٍ أَذِنَتْ لَهُ سَيِّدَتُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تُبَاشِرَهُ هِيَ ; لِأَنَّ سَبَبَ الْوِلَايَةِ الْمِلْكُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَتِ الْمُبَاشَرَةُ لِنَقْصِ الْأُنُوثَةِ، فَمَلَّكَتِ التَّوْكِيلَ كَالْمَرِيضِ وَالْغَائِبِ، وَعَنْهُ: تَعْقِدُهُ هِيَ، فَعِبَارَتُهَا عَلَى هَذِهِ مُعْتَبَرَةٌ بِأَنَّ التَّزْوِيجَ عَلَى الْمِلْكِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَهْلِيَّةِ الْوِلَايَةِ ; بِدَلِيلِ تَزْوِيجِ الْفَاسِقِ مَمْلُوكَتَهُ.
فَرْعٌ: عَتِيقَتُهَا كَأَمَتِهَا إِنْ طَلَبَتْ وَأَذِنَتْ، وَقُلْنَا: يَلِي عَلَيْهَا فِي رِوَايَةٍ، وَلَوْ عَضَلَتِ الْمَوْلَاةُ زَوَّجَ وَلِيُّهَا، فَفِي إِذْنِ سُلْطَانٍ وَجْهَانِ، وَيُجْبِرُهَا مَنْ يُجْبِرُ الْمَوْلَاةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute