للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَصَبَاتُهُ مِنْ بَعْدِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، ثُمَّ السُّلْطَانُ. فَأَمَّا الْأَمَةُ، فَوَلِيُّهَا سَيِّدُهَا، وَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مِنَ الْأَبِ، وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُمَا سَوَاءٌ ; لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي التَّعْصِيبِ وَالْإِرْثِ بِهِ، وَجِهَةُ الْأُمِّ يُورَثُ بِهَا مُنْفَرِدَةً وَلَا تَرْجِيحَ بِهَا.

(ثُمَّ الأقرب فَالْأَقْرَبُ مِنَ الْعَصَبَاتِ عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ) ; لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مَبْنَاهَا عَلَى النَّظَرِ وَالشَّفَقَةِ، وَمَظِنَّةُ ذَلِكَ الْقَرَابَةُ، وَالْأَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ هُوَ الْأَقْرَبُ، فَيَكُونُ أَحَقَّ بِالْوِلَايَةِ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْوِلَايَةَ فِي النِّكَاحِ لَا تَثْبُتُ إِلَّا لِمَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَلِي بَنُو أَبٍ أَعْلَى مَعَ بَنِي أَبٍ أَقْرَبَ مِنْهُ وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ، وَأَوْلَى وَلَدِ كُلِّ أَبٍ أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (ثُمَّ الْمَوْلَى الْمُنْعِمُ) أَيِ: الْمُعْتِقُ (ثُمَّ عَصَبَاتُهُ مِنْ بَعْدِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) ; لِأَنَّهُمْ عَصَبَاتٌ، يَرِثُونَ وَيَعْقِلُونَ، فَكَذَلِكَ يُزَوِّجُونَ، وَقُدِّمَ هُنَا الْمُنَاسِبُونَ كَالْمِيرَاثِ، فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْمُعْتِقِ عَلَى أَبِيهِ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا قُدِّمَ هُنَاكَ لِزِيَادَةِ شَفَقَتِهِ وَكَمَالِ نَظَرِهِ، وَهُنَا النَّظَرُ لِأَقْرَبِ الْعُصْبَةِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ أَبُوهَا عَلَى ابْنِهَا كَالْأَصْلِ (ثُمَّ السُّلْطَانُ) ; لِمَا ذَكَرْنَا، وَهُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، قَالَ أَحْمَدُ: الْقَاضِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْأَمِيرِ فِي هَذَا، انْتَهَى، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ بُغَاةٍ إِذَا اسْتَوْلَوْا عَلَى بَلَدٍ، فَإِنْ عُدِمَ، وَكَّلَتْ، قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِغَيْرِ مَنْ ذَكَرَ، فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يَلِي نِكَاحَهَا عَلَى الْأَشْهَرِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ كَالْإِرْثِ وَلَا وَالِي الْبَلَدِ، وَعَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَاضِي، وَحَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ أُذِنَ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْجَوَازَ مُطْلَقًا لِلضَّرُورَةِ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ وَلِيٌّ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ مُطْلَقًا، قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فِي سَفَرٍ، لَيْسَ مَعَهُمَا وَلِيٌّ وَلَا شُهُودٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا، وَإِنْ خَافَ الزِّنَا بِهَا، وَعَنْهُ: يُزَوِّجُهَا عَدْلٌ بِإِذْنِهَا، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَخَذَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقِفُ عَلَى وَلِيٍّ، وَنُصُوصُ أَحْمَدَ تَمْنَعُهُ، وَأَخَذَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ دِهْقَانِ الْقَرْيَةِ.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَزْوِيجُ الْأَيَامَى فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنْ أَبَاهُ حَاكِمٌ إِلَّا بِظُلْمٍ كَطَلَبِهِ جُعْلًا لَا يَسْتَحِقُّهُ، صَارَ وُجُودُهُ كَالْعَدَمِ، فَقِيلَ: تُوَكِّلُ مَنْ يُزَوِّجُهَا، وَقِيلَ: لَا تَتَزَوَّجُ، وَالصَّحِيحُ مَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ: يُزَوِّجُهَا ذُو السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ كَالْعَضْلِ (فَأَمَّا الْأَمَةُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>